للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجد موسى باطشًا بقائمة العرش، فلا أدري أفاق قبلي، أم جوزيَ بِصعقة الطور؟ فلا تفضلوني على الأنبياء] (١).

فقد أجاب العلماء عن الجمع بينه وبين الآية السابقة بإجابات كثيرة، منها:

١ - أن هذا كان قبل أن يعلم بالتفضيل. قال الحافظ ابن كثير: وفي هذا نظر.

٢ - أن هذا قاله من باب الهَضْمِ والتواضُع.

٣ - أن هذا نهيٌ عن التفضيل في مثل هذه الحال التي تحاكموا فيها عند التخاصم والتشاجر.

٤ - لا تفضلوا بمجرد الأهواء والعصبية.

٥ - ليس مقام التفضيل إليكم، وإنما هو إلى الله - عز وجل - وعليكم الانقياد والتسليم له، والإيمان به.

وقوله: {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ}.

يعني: الآيات والمعجزات والحجج القاطعة الدالة على صدق النبوة والعبودية لله، وأنه عبد الله ورسوله.

وقوله: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}. يعني: جبريل عليه السلام.

وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا}.

يعني: ما اقتتل الناس بعد كل نَبيّ إلا بمشيئة الله، وهو بسبب الاختلاف في هذه الحياة الدنيا والتكالب على حطامها. قال القرطبي: (وكذلك هذه النوازل إنما اختلف الناس بعد كل نبي، فمنهم من آمن ومنهم من كفر بغيًا وحسدًا وعلى حطام الدنيا، وذلك كله بقضاء وقدر، وإرادة من الله تعالى، ولو شاء خلاف ذلك لكان، ولكنه المستأثر بِسِرِّ الحكمة في ذلك الفعل لما يريد).

وقوله: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}.

فكل ما يجري في هذا الكون بحكمته وإرادته وعلمه وعدله.


(١) حديث صحيح. رواه مسلم في الصحيح (٧/ ١٠٠ - ١٠١)، وهو في مختصر صحيح مسلم (١٦١٢) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>