في هذه الآية: دعوة الله المؤمنين إلى الإنفاق من طيب مارزقهم لمواجهة يوم الحسرة والندامة وانعدام الصاحب والمعين، وتصنيف أهل الكفر في الظالمين.
قال ابن جريج:({يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ}: من الزكاة والتطوع).
وقال قتادة:({مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ}: قد علم الله أن ناسًا يتحابون في الدنيا ويشفع بعضهم لبعض. فأما يوم القيامة، فلا خُلة إلا خُلة المتقين).
وقوله:{وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
قال ابن جرير:({وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ}، إنما هو مرادٌ به أهل الكفر، فلذلك أتبع قوله ذلك:{وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. فدل بذلك على أن معنى ذلك: حرَمنا الكفار النصرةَ من الأخلاء، والشفاعة من الأولياء والأقرباء، ولم نكن لهم في فعلنا ذلك بهم ظالمين، إذ كان ذلك جزاءً منا لما سلف منهم من الكفر بالله في الدنيا، بل الكافرون هم الظالمون أنفسهم بما أتوا من الأفعال التي أوجبوا لها العقوبة من ربهم).
هذه الآية هي أعظم آية في القرآن الكريم، وهي كالنار الحارقة تنزل على الشياطين، وما بين العبد ودخول الجنة إلا قراءتها عقب الصلوات المكتوبات. فما السرّ في ذلك! ؟ .
لقد أخبر سبحانه في أولها أنه المتفرد بالإلهية لجميع الخلائق، الحي في نفسه الذي لا يموت أبدًا، القيم لغيره، ثم ذكر أنه سبحانه لكمال صفاته وعدم شبهها لخلقه، فهو لا يعتريه نقص ولا غفلة ولا ذهول عن خلقه، بل هو قائم على كل نفس بما