فإلى ذكر فضائل هذه الآية العظيمة في هذا السيل العطر من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}. قال: فضرب في صدري وقال: ليهنك العلم يا أبا المنذر] (١).
الحديث الثاني: أخرج البخاري في معلقاته، وابن خزيمة في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: [وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: إني مُحتاجٌ، وعليّ دينٌ ولي حاجة شديدة، فخليت عنه، فأصبحت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا هريرة! ما فعل أسيرك البارحة؟ قلت: يا رسول الله! شكا حاجة شديدة وعيالًا، فرحمتُه فخليت سبيله، قال: أما إنه قد كذبك وسيعود. فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنه سيعود، فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: دعني فإني محتاج وعليّ عيال، لا أعود. فرحمته وخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ قلت: يا رسول الله، شكا حاجة وعيالًا، فرحمته وخليت سبيله. قال: أما إنه قد كذبك وسيعود، فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا آخر ثلاث مرات تزعم أنك لا تعود ثم تعود. قال: دعني أُعْلِمْكَ كلماتٍ ينفعك الله بها، قلت: ما هُنَّ؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يَقْرُبكَ شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله، فأصبحت، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما فعل أسيرك البارحة؟ قلت: يا رسول الله! زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله، قال: ما هي؟ قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}. وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربُك شيطان حتى تصبح - وكانوا أحرص شيء على الخير - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تَعْلمُ من تُخاطب منذ ثلاث ليال
(١) حديث صحيح. انظر مختصر صحيح مسلم (٢٠٩٦)، من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه.