إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَال أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٥٩)}.
في هذه الآية: التنبيه على قدرة الله تعالى في إحياء الموتى وبعثهم من قبورهم بعد فنائهم.
فقوله: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا}.
عطف على ما سبق: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} يعني: هل رأيت مثل الذي حاج إبراهيم في ربه، ومثل الذي مرّ على تلك القرية: قيل هو عُزير. ذكره ابن جرير عن ابن عباس وقتادة.
وقيل هو أورميا بن حلقيا - وقيل: هو الخضر -، وقيل اسمه: حزقيل بن بورا.
وقيل بل هو رجل من بني إسرائيل، والله أعلم. قال ابن كثير: (وأما القرية فالمشهور أنها بيت المقدس، مر عليها بعد تخريب بختنصر لها وقتل أهلها).
وقوله {خَاوِيَةٌ}: أي: ليس فيها أحد. {عَلَى عُرُوشِهَا}. أي: ساقطة سقوفها وجدرانها ومهدّمة أركانها. فنظر إليها متأملًا فقال: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا}.
فامتحنه الله سبحانه: {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ}.
قال وهب بن منبه: (ثم ردّ الله من ردّ من بني إسرائيل على رأس سبعين سنة من حين أماته، يعمرونها ثلاثين سنة تمام المئة، فلما ذهبت المئة ردّ الله روحه، وقد عمِّرت على حالها الأولى، فجعل ينظر إلى العظام كيف تلتام بعضها إلى بعض، ثم نظر إلى العظام كيف تكسى عصبًا ولحمًا).
وقوله: {ثُمَّ بَعَثَهُ قَال كَمْ لَبِثْتَ قَال لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَال بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ}.
قال قتادة: (ذكر لنا أنه مات ضحى، ثم بعثه قبل غيبوبة الشمس، فقال: {لَبِثْتُ يَوْمًا}، ثم التفت فرأى بقية من الشمس فقال: {أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}، فقال: {بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ}).
وقوله: {فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ}.
قال قتادة: (لم يتغير).