قلت: وإنما خاطبه الله تعالى عن طريق الملك. وقال مجاهد: ({لَمْ يَتَسَنَّهْ}: لم ينتن).
وقوله: {وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ}.
قال وهب بن منبه: (فنظر إلى حماره ياتصل (١) بعضٌ إلى بعض، وقد كان مات معه، بالعروق والعصب، ثم كسا ذلك منه اللحم حتى استوى، ثم جرى فيه الروح فقام ينهق، ونظر إلى عصيره وتينه، فإذا هو على هيئته حين وضعه لم يتغير، فلما عاين من قدرة الله ما عاين قال: {أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}).
وقوله: {وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ}.
أي: عبرة وحجة. قال الأعمش: (شابًّا وولده شيوخ).
وقوله: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا}.
قال ابن عباس: (كيف نخرجها). وقال السدي: (نحرِّكها). وقال مجاهد: (انظر إليها حين يحييها الله).
وقوله: {ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا}.
أي: العظام نُلبسها لحمًا ونواريها به.
وقوله: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَال أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٥٩)}.
أي: أنا عالم بهذا فقد رأيته عيانًا.
٢٦٠. قوله تعالى: {وَإِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَال أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَال بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَال فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٦٠)}.
هذه الآية في سياقها تناسب ما سبق قبلها: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ}، {قَال إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}، فأحبَّ إبراهيم عليه الصلاة والسلام أن يبصر علم اليقين بأم عينيه ليزداد إيمانًا ويقينًا.
(١) قوله "ياتصل" أصلها "يفتعل" من "وصل"، لغة عند العرب.