للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى أسابقك، ونسيت الذي كان، وقد حملت اللحم، وبدنت، فقلت: كيف أسابقك يا رسول الله وأنا على هذه الحال؟ فقال: لتفعلن، فسابقته، فسبقني، فجعل يضحك، وقال: هذه بتلك السبقة] (١).

فهذه بعض الروائع من جمال عشرته عليه الصلاة والسلام مع زوجاته، وكان يجمع نساءه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها فيأكل معهن العشاء أحيانًا، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها، وكان دائم التلطف معهن، دائم البِشْر، وهو الأسوة لكل مؤمن إلى يوم القيامة.

وقوله: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}. قال ابن عباس: (والخير الكثير: أن يعطف عليها، فيرزق الرجل ولدها، ويجعل الله في ولدها خيرًا كثيرًا].

أخرج الإمام مسلم في صححيحه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر] (٢).

وقوله: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَال زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا}. القنطار: المال الكثير. والآية نهي عن الإضرار بالزوجة لتفتدي بما آتاها من أجل إرادته استبدالها بزوجة أخرى، حتى ولو كان آتاها قنطارًا من مال.

قال مجاهد: ({وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَال زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ}: طلاق امرأة مكان أخرى، فلا يحل له من مال المطلقة شيء وإن كثر).

وقوله: {أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}. أي: أتأخذونه ظلمًا بغير حق، وإثمًا واضح الإثم.

وقوله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}. قال ابن عباس: (الإفضاء المباشرة، ولكن الله كريم يَكْني عما يشاء). وقال: (الإفضاء هو الجماع). وقال مجاهد: (مجامعة النساء).


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٦/ ٢٦٤)، والنسائي في "عشرة النساء" (٢/ ٧٤) والسياق له، وأخرجه أبو داود (١/ ٤٠٣)، وابن ماجة (١/ ٦١٠) مختصرًا.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٤/ ١٧٨ - ١٧٩)، وقوله: "لا يفرك" أي: لا يبغض.

<<  <  ج: ص:  >  >>