للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعن ابن عباس: (الذرة: رأس النملة). وقال مرة: (النملة الحمراء).

وقال يؤيد بن هارون: (زعموا أن الذرة ليس لها وزن).

قلت: وهذا في الدنيا، أما في الآخرة فلها وزن عند الله وترجح بها كفة الميزان، كما قال جل ذكره: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَال حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: ٤٧].

وقال تعالى: {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَال حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ} [لقمان: ١٦].

وقال سبحانه: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالهُمْ (٦) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٦ - ٨].

وفي صحيح مسلم ومسند الطيالسي عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [إن الله لا يظلم المؤمن حسنته، يثاب عليها الرزق في الدنيا ويُجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيُطعم بها في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة لم تكن له حسنة] (١).

وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري- في حديث الشفاعة - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقالَ دينار من إيمان فأخرجوه، ويُحرِّمُ الله صورَهم على النار، فيأتونهم وبعضُهم قد غاب في النار إلى قدمه وإلى أنصاف ساقَيْهِ، فَيُخرجون مَنْ عَرَفوا، ثم يعودون فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقالَ نصفِ دينار فأخرجوه، فيُخرجون مَنْ عرفوا، ثم يعودون فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقالَ ذرةٍ من إيمان فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا. قال أبو سعيد: فإنْ لم تُصَدِّقوا فاقرؤوا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَال ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء: ٤٠]] (٢). وفي رواية: "أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان، فأخرجوه من النار، فيُخرجون خلقًا كثيرًا".

قال قتادة: (كان بعض أهل العلم يقول: لأن تفضُل حسناتي على سيئاتي ما يزن ذرّة، أحب إليّ من أن تكون لي الدنيا جميعًا).


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٨٠٨)، والطيالسي (٢٠١١)، وأحمد (٣/ ١٢٣)، وغيرهم.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٧٤٣٩)، كتاب التوحيد، وأخرجه مسلم برقم (١٨٣)، ورواه أحمد في المسند (٣/ ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>