للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فَهَمَّ القوم أن يدخلوها. قال: فقال لهم شاب منهم: إنما فررتم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النار، فلا تَعْجَلوا حتى تلقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها. قال: فرجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه، فقال لهم: لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدًا، إنما الطاعةُ في المعروف] (١).

الحديث السادس: أخرج البخاري ومسلم وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [كانت بنو إسرائيل تَسُوسُهم الأنبياء، كلَّما هلك نبي خلفَهُ نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون. قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا؟ قال: أوفوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم] (٢).

الحديث السابع: أخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [من رأى من أميره شيئًا فكرهه فليصبر، فإنه ليس أحدٌ يفارق الجماعة شبرًا فيموت إلا مات ميتة جاهلية] (٣).

وله شاهد في صحيح مسلم من حديث ابن عمر بلفظ: [من خلعَ يدًا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حُجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعةٌ مات ميتة جاهلية].

وقوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}. قال مجاهد: (أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله).

فهذا منهاج المؤمنين عند التنازع، التجرد من حظوظ النفس والشبهات، والنزول عند حكم الله ورسوله في أصول الدين وفروعه، ولا حياة للأمة ولا قوة ولا شوكة إلا بهذا المنهج العظيم، فهو الذي يوحد القلوب والنفوس ويحيي مجد هذه الأمة من جديد، وغيابه شر عظيم يمزق الأمة ويفرق قلوب أبنائها ويُسلط عليها أعداءها.

وقوله: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}.

في هذه الآية تشكيك بإيمان من لا يرضى بالتحاكم لله وسنة رسوله وسيرته العطرة عند التنازع، يشكك الله بها بإيمانه به وبلقائه في الدار الآخرة.


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٧٢٥٧)، ومسلم (١٨٤٠)، وأحمد (١/ ٨٢)، (١/ ١٢٤).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٤٥٥)، ومسلم (١٨٤٢)، وأحمد (٢/ ٢٩٧)، وابن ماجه (٢٨٧١)، وأبو يعلى (٦٢١١)، وغيرهم.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٧٠٥٣)، ومسلم (١٨٤٩)، وانظر للشاهد بعده صحيح مسلم -حديث رقم- (١٨٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>