وقوله: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا}. خطاب من الله للفئة التي دافعت عن هؤلاء المنافقين، أتريدون هدايتهم وقد أعمى الله قلوبهم بنفاقهم وخشيتهم على دنياهم، ومن يضله الله فلا طريق له إلى الهدى والنور، بل إلى العمى والظلام والأفول.
وقوله: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. يقول: تمنى هؤلاء المنافقون أنكم نافقتم مثلهم، وجحدتم أمر الله كما جحدوا لتكونوا سواء، وما ذلك إلا لشدة بغضهم لكم وشدة عداوتهم. فإياكم أن توالوهم حتى يخلصوا لله ويهاجروا كما هاجرتم. قال ابن عباس: (يقول: حتى يصنعوا كما صنعتم، يعني الهجرة في سبيل الله).
وقوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ}. قال ابن عباس: (فإن تولوا عن الهجرة).
وقال السدي: (يقول: إذا أظهروا كفرهم، فاقتلوهم حيث وجدتموهم).
وقوله: {وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}. أي: لا توالوهم ولا تناصروا بهم على عدوكم.
وقوله: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ}. استثناء لبعض هؤلاء القوم. قال السدي: (يقول: إذا أظهروا كفرهم فاقتلوهم حيث وجدتموهم، فإن أحدٌ منهم دخل في قوم بينكم وبينهم ميثاق، فأجروا عليه مثل ما تجرون على أهل الذمة).
وقال ابن زيد: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ}، يصلون إلى هؤلاء الذين بينكم وبينهم ميثاق من القوم، لهم من الأمان مثل ما لهؤلاء).
وقوله: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ}.
قال السدي: (رجعوا فدخلوا فيكم، .. ، ضاقت صدورهم، {أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ}. فهؤلاء لا لكم ولا عليكم، يبغضون أن يقاتلوكم، ولا يهون عليهم أن يقاتلوا قومهم.
وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ}. أي: من رحمته سبحانه بكم كفّهم عنكم. وقوله: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ} أي: صالحوكم وسالموكم.
وقوله: {فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا}. أي: لم يجعل الله لكم إذنًا بقتل فيهم أو سباء.