قال ابن كثير:(أي: فليس لكم أن تقتلوهم ما دامت حالهم كذلك، وهؤلاء كالجماعة الذين خرجوا يوم بدر من بني هاشم مع المشركين فحضروا القتال وهم كارهون كالعباس ونحوه، ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ عن قتل العباس وأمر بأسره).
هؤلاء منافقون أظهروا الإِسلام حقنًا لدمائهم وأموالهم وذراريهم، وهم يصانعون الكفار في الباطن فيعبدون معهم ما يعبدون. قال تعالى:{وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالوا إِنَّا مَعَكُمْ}.
وقوله:{كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا}. قال قتادة:(كما عرض لهم بلاءً، هلكوا فيه). والفتنة في كلام العرب: الاختبار، والإركاس: الرجوع. والمقصود كما دعاهم قومهم إلى الماضي المشترك المليء بالوثنية والشرك وتعظيم الآبائية في منهجها الجاهلي، ارتدوا فصاروا مشركين مثلهم. قال مجاهد في هذه الآية:(ناس كانوا يأتون النبي - صلى الله عليه وسلم - فيسلمون رياء، ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان، يبتغون بذلك أن يأمنوا ها هنا وها هنا. فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويُصلحوا) ذكره ابن جرير.
وقوله:{فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ}. قال الربيع:(الصلح).
والمقصود أن هؤلاء لا بد أن يستسلموا وينقادوا إلى الحق وإلى طريق المؤمنين.
وقوله:{وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ}. أي عن قتالكم، فيصالحوكم ويعطوكم المقاد.
وقوله؛ {فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}. يعني: خذوهم أين أصبتموهم فاقتلوهم إن لم يفعلوا ما أمروا به. {وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا}. قال السدي:(أما السلطان المبين فهو الحجة). وقال عكرمة: (ما كان في القرآن من "سلطان"، فهو الحجة).