للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الاستنباط مبني على القاعدة اللغوية (العطف يقتضي التغاير)، وقد أشار إلى هذا المعنى وربطه بهذه القاعدة بعض المفسرين كالرازي، والقرطبي، وأبي السعود، والألوسي، وغيرهم. (١)

والحق أن هذا الاستنباط باطل غير صحيح، وهو على نهج الأشاعرة في باب الإيمان (٢)، والذي عليه أهل السنة والجماعة أن العمل من الإيمان، وأنه إقرار وتصديق وعمل، وأدلتهم في هذا الباب كثيرة وواضحة. (٣)

قال ابن أبي العز: (وأما كون عطف العمل على الإيمان يقتضي المغايرة فلا يكون العمل داخلا في مسمى الإيمان، فلا شك أن الإيمان تارة يذكر مطلقاً عن العمل وعن الإسلام، وتارة يقرن بالعمل الصالح، وتارة يقرن بالإسلام، فالمطلق مستلزم للأعمال قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال: ٢]، وقال {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} [الحجرات: ١٥]

أما إذا عطف عليه العمل الصالح فاعلم أن عطف الشيء على الشيء يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه مع الاشتراك في الحكم الذي ذكر لهما، والمغايرة على مراتب: أعلاها: أن يكونا متباينين ليس أحدهما هو الآخر ولا جزءاً


(١) ينظر: التفسير الكبير (٢١/ ٢٠١)، والجامع لأحكام القرآن (١/ ٢٣٨)، وإرشاد العقل السليم (١/ ٦٨)، وروح المعاني (١/ ٢٠١).
(٢) ينظر: الإنصاف للباقلاني (١/ ٥٥)، والإرشاد للجويني (١/ ٣٧٩)، والمواقف للإيجي (١/ ٣٨٤)
(٣) ينظر قول أهل السنة والجماعة وأدلتهم في: شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز ١/ ٣٧٣ ومابعدها.

<<  <   >  >>