للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد دلّت هذه الآية على شرف العلم وأهله من وجوه كثيرة، حكاها السعدي وغيره، منها: أن الله خصّهم بالشهادة على أعظم مشهود عليه دون سائر الناس، ومنها: أن الله قرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته، وكفى بذلك فضلاً وشرفاً، ثم جعلهم سبحانه أولي العلم، فأضافهم إلى العلم؛ إذ هم القائمون به المتصفون بصفته، وكذلك جعلهم شهداء وحجة على الناس، وألزم الناس العمل بالأمر المشهود به، فيكونوا هم السبب في ذلك، ويكون كل من عمل بذلك نالهم من أجره، ومنها: أن إشهاده تعالى أهل العلم يتضمن تزكيتهم وتعديلهم، وأنهم أُمناء على ما استرعاهم عليه. (١)

والمراد بأولي العلم هنا: علماء الكتاب والسنة، وما يتوصل به إلى معرفتهما، إذ لا اعتداد بعلم لا مدخل له في العلم الذي اشتمل عليه الكتاب والسنة، أفاده الشوكاني. (٢)

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: البيضاوي، وأبو السعود، والشوكاني، والسعدي، وغيرهم. (٣)

قال السعدي: (وأما شهادة أهل العلم فلأنهم هم المرجع في جميع الأمور الدينية خصوصاً في أعظم الأمور وأجلها وأشرفها وهو التوحيد، فكلهم من أولهم إلى آخرهم قد اتفقوا على ذلك ودعوا إليه وبينوا للناس الطرق الموصلة إليه،


(١) ينظر: تيسير الكريم الرحمن (١/ ١٢٤).
(٢) ينظر: فتح القدير (١/ ٣٧٣).
(٣) ينظر: أنوار التنزيل (٢/ ٩)، وإرشاد العقل السليم (٢/ ١٧)، وفتح القدير (١/ ٣٧٣)، وتيسير الكريم الرحمن (١/ ١٢٤).

<<  <   >  >>