للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفوسهما المودة والاتفاق (١)، وهذا يدل على عظم شأن النية في صلاح العمل حيث جعلها تعالى سبباً في التوفيق.

وممن استنبط هذا المعنى من الآية: الرازي، والبيضاوي، والنسفي، وأبو السعود، والقاسمي، وابن عاشور، وغيرهم. (٢)

ولاشك أن عون الله تعالى للعبد على قدر النية فمن تمت نيته تم عون الله له، فإن النية عليها مدار الأعمال ولا يتم أمر ولا تحصل بركته إلا بصلاح القصد والنية.

والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه» (٣)

وقد عظّم سبحانه أمر النية الصالحة فقال عز وجل: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ١١٤]، فدل على عظم أمر النية، وأنه متى ما صلحت وابتغى العبد بها وجه الله والدار الآخرة في كل ما يتقرب به إليه تعالى، وفي كل نفع يعود على الناس، أعطي عليها أعظم الأجر، بل قد يبلغ بنيته


(١) ينظر: مدارك التنزيل للنسفي ١/ ٣٥٦.
(٢) ينظر: التفسير الكبير ١٠/ ٧٥،، وأنوار التنزيل ٢/ ٧٣، ومدارك التنزيل (١/ ٣٥٦)، وإرشاد العقل السليم ٢/ ١٧٥، ومحاسن التأويل ٣/ ١٠٢، والتحرير والتنوير ٥/ ٤٧.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسوله صلى الله عليه وسلم (١/ ٩) برقم (١)، وأخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنية»، وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال (٣/ ١٥١٥)، برقم (١٩٠٧).

<<  <   >  >>