للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجوب العدل وأهميته.

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: ٨]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (فيها تنبيه عظيم على أنّ وجوب العدل مع الكفار الذين هم أعداء الله إذا كان بهذه الصفة، فما الظن بوجوبه مع المؤمنين الذين هم أولياؤه وأحباؤه). (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية بدلالة النَّص (مفهوم الموافقة) تغليظ وجوب العدل مع المؤمنين؛ لأنه تعالى لما أكّد الأمر بالعدل مع الكفار بهذه القوة، دلَّ على تأكيد وجوبه مع إخواننا المؤمنين بطريق الأولى.

والمعنى: لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل فيهم فلا تجوروا عليهم، بل اعدلوا معهم وإن أساؤوا عليكم، وأحسِنُوا إليهم وإن بالغوا في أذِيّتكم، ثم قال سبحانه: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} أي العدل معهم أقرب إلى التقوى، فنهاهم تعالى أوّلاً أن تحملهم البغضاء على ترك العدل، ثم استأنف فصرّح لهم بالأمر بالعدل تأكيداً وتشديداً، ثم ذكر لهم وجه الأمر بالعدل بقوله تعالى: {هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (٢).


(١) السراج المنير (١/ ٤١٤).
(٢) ينظر: الكشاف للزمخشري ١/ ٦١٣، ومدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي ١/ ٤٣٢.

<<  <   >  >>