للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكلام إظهار العجز والضعف وأنه لا يستقل بتحصيل هذه المعجزات التي طلبوها منه. (١)

واستدل الجبائي (٢) بهذه الآية على أن الملائكة أفضل من الأنبياء، وجعل معنى الآية: لا أدعي منزلة فوق منزلتي، قال: فلولا أن الملك أفضل لم يصح ذلك، وتبعه الزمخشري كعادته يُرغم معاني القرآن على مسايرة مذهبه (٣)، فهو جارٍ على مذهب المعتزلة أن الملَك أفضل خلق الله.

وهذه المسألة (٤) محل خلاف بين أهل العلم فقال بعضهم بتفضيل الملائكة، وقال بعضهم بتفضيل بني آدم، ولكل قولٍ أدلته (٥)، ومذهب أهل السنة أن الأنبياء وصالحي البشر أفضل من الملائكة - كما تقدم - وهو الراجح. (٦)


(١) وذكر فوائد أخرى غيرها، ينظر: التفسير الكبير (١٢/ ٥٣٨)
(٢) هو أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن جمران بن أبان، الجبائي، أحد أئمة المعتزلة؛ وصاحب التصانيف، كان إماما في علم الكلام في عصره، وله في مذهب الاعتزال مقالات مشهورة، توفي سنة ٣٠٣ هـ. ينظر: وفيات الأعيان (٤/ ٢٦٧)، وسير أعلام النبلاء (١٤/ ١٨٣).
(٣) ينظر: الكشاف (٢/ ٢٥)، وينظر قوله والرد عليه في: التفسير الكبير (١٢/ ٥٣٨)، والبحر المحيط (٤/ ٥١٨)، وروح المعاني (٤/ ١٤٧)، ومحاسن التأويل (٤/ ٣٦٦)، والتحرير والتنوير (٧/ ٢٤٢)
(٤) تقدم الكلام عنها في أول سورة البقرة عند قوله تعالى {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} ينظر الاستنباط رقم: (١٣)
(٥) ينظر: حجج القرآن لأحمد بن المظفر الرازي (١/ ٨١)، والفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي (١/ ١٥٣)، والحبائك في أخبار الملائك لجلال الدين السيوطي (١/ ٢٠٧).
(٦) ينظر: لوامع الأنوار البهية للسفاريني (٢/ ٣٩٨)، ومجموع الفتاوى (٤/ ٣٤٤)، والصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة لابن القيم (٣/ ١٠٠٢)، وشرح الطحاوية لصالح آل الشيخ (١/ ١٠٥).

<<  <   >  >>