للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجنة فوق النار.

قال تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} [الأعراف: ٥٠]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: ({وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ} أي: صبوه، وهو دليل على أنّ الجنة فوق النار). (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية أن الجنة فوق النار بدلالة اللازم من قوله {أَفِيضُوا} لأن أصل الإفاضة الصب (٢)، والصبَّ يكون من عُلو إلى سُفل.

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: الزمخشري، والبيضاوي، والنسفي، وابن جزي، وأبو السعود، والألوسي، وغيرهم. (٣)

فدلَّ بالإفاضة على علو الجنة وهي إشارة لطيفة، موافقة لما عليه أهل السنة والجماعة من أن الجنة فوق السماء السابعة وتحت عرش الرحمن، كما قال تعالى: {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم: ١٤ - ١٥]


(١) ينظر: السراج المنير (١/ ٥٥١).
(٢) يقال: أفاضَ إناءه، أي ملأه حتَّى فاضَ. وأفاضَ دموعه، وأفاضَتْ دموعه. وأفاضَ الماء على نفسه، أي أفرغَه. ينظر: الصحاح (٣/ ١٠٩٩)، ومختار الصحاح (١/ ٢٤٥)، ومقاييس اللغة (٤/ ٤٦٥)، وأصل الإفاضة الصب. ينظر: لسان العرب (٧/ ٢١٣)، و (٧/ ٢١٠) مادة (فيض).
(٣) ينظر: الكشاف (٢/ ١٠٨)، وأنوار التنزيل (٣/ ١٥)، ومدارك التنزيل (١/ ٥٧١)، والتسهيل لعلوم التنزيل (١/ ٢٨٩)، وإرشاد العقل السليم (٣/ ٢٣١)، وروح المعاني (٤/ ٣٦٥).

<<  <   >  >>