للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حكاية قصص الأنبياء السابقين دليل على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: ٥٩]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله - عند هذه الآية: (فيه دليل على صحة نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان أميّاً لا يقرأ ولا يكتب ولم يلق أحداً من علماء زمانه، وقد أتى بمثل هذه القصص والأخبار عن القرون الماضية والأمم الخالية مما لم ينكره عليه أحد، فعُلم بذلك أنه إنما أتى من عند الله، وأنه أوحى إليه بذلك فكان ذلك دليلاً واضحاً وبرهاناً قاطعاً على صحة نبوّته صلى الله عليه وسلم). (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب من قصة نوح عليه السلام مع قومه، وأمثالها في القرآن دلالتها باللازم على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من حيث إنه إخبار بالغيب؛ لأنه كان أمياً لا يخط، ولا يقرأ، ولم يدارس أحداً، وقد جاء بهذه القصص والأخبار عن الأنبياء والرسل والأمم السابقة وأحوالهم، بما يطابق ما جاء في كتب أهل الكتاب من اليهود والنصارى، فمجيء هذه القصص على هذا الوجه من غير تحريف ولا خطأ يدلّ على أنه إنما عرفها بالوحي الذي يوحى إليه من ربه لا محالة، وذلك يدل على صحة نبوته، ويشهد له قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: ٤٨].

قال الطبري: (إذ كانت هذه الأنباء التي أوحاها إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في كتابه، من الأنباء التي لم يكن يعلمها محمد صلى الله عليه وسلم وقومه، ولم يكن علمُ ذلك إلا عند أهل


(١) السراج المنير (١/ ٥٥٧)

<<  <   >  >>