للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يجب على الناصح من الرفق والصبر.

قال تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٦٦) قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٦٦ - ٦٧]

ذكر الخطيب الشربيني - رحمه الله - عند هذه الآية تنبيهاً فقال: (في إجابة الأنبياء الكفرة عن كلماتهم الحمقاء بما أجابوا والإعراض عن مقالتهم كمال النصح والشفقة وهضم النفس وحسن المجادلة وهكذا ينبغي لكل ناصح). (١)

وجه الاستنباط:

في رد هود - عليه السلام - على قومه حيث لم يقابل سفاهتهم بالسفاهة، ولم يزد على قوله: {لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ} وذلك يدل على أن ترك الانتقام أولى. (٢)

الدراسة:

استنبط الخطيب من خطاب قوم هود- عليه السلام - في الآية استنباطاً تربوياً حيث كان جواب هود لما رماه قومه بخفة الحلم وكثرة الطيش أن نفى ذلك عن نفسه فقال: (ليس بى سفاهة) فردّ ذلك عليهم برد لطيف، ونزّه - عليه السلام- عبارته عن شنيع عبارتهم وقبح مواجتهم، سالكاً بذلك طريق حسن المجادلة مع ما سمع منهم من شنيع الكلام الموجب لتغليظ القول والمشافهة بالسوء، وقبله رد نوح عليه السلام: {قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٦١) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ} [الأعراف: ٦١ - ٦٢]، فكل ما ردُّوا به هو


(١) السراج المنير (١/ ٥٦٠)
(٢) ينظر: التفسير الكبير للرازي ١٤/ ٣٠١

<<  <   >  >>