للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القاسمي: (الظاهر أن ملحظ مثبتيها هو أن عدمها يدل على النقص، وهو محال على المولى تعالى، إذ له كل صفة كمال. ومعلوم أن في إثباتها له تعالى من آيات أخر، وأحاديث مشهورة، ما يغني عن تكلف استثباتها له تعالى من مثل هذه الآية، ولكن على المنهاج السلفيّ، وهو إثبات بلا تكييف، إذ من كيّف فقد مثل، ومن نفى فقد عطّل. فالمشبهة كالمعطلة، والحق وراءهم، والمسألة شهيرة). (١)

والذي عليه أهل السنة والجماعة إثبات صفات الله تعالى كما جاءت، من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل، فأثبتوا لله ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات، وعلى هذا مضى أئمة السلف يُجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، ويمرونها كما جاءت. (٢)

ويدل له قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]، فهو سبحانه مباين لخلقه، له يدان لا كأيدي المخلوقين، وله قدرة لا كقدرة المخلوقين، وقال تعالى: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٧٤] أي: لا تجعلوا له أنداداً وأشباهاً وأمثالاً (٣)، والمشبهة عندما يزعمون أن يدي الله كأيديهم وسمعه كسمعهم وغير ذلك فقد جعلوا لله أمثالاً وأشباهاً - تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً - وقال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: ٦٥] أي مثيلاً أو


(١) محاسن التأويل (٥/ ٢٣٩).
(٢) ينظر: أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات لمرعي الكرمي (١/ ٦٠)، وينظر: لوامع الأنوار البهية (١/ ٢١٩)، ومعارج القبول للحكمي (١/ ١٤٧)، والقواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لابن عثيمين (١/ ٧٠)، وشرح العقيدة الواسطية للعثيمين (١/ ٢٧٠).
(٣) ينظر: تفسير القرآن العظيم (٢/ ٢١٢)

<<  <   >  >>