للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على فوائد تكرار قوله تعالى: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ} [الأنفال: ٥٤] بعد أن ذُكرت قبل ولم يفصل بينهما إلا آية واحدة، وذلك التكرير إنما جاء لأغراض متنوعة، إذ أن التكرار من أبرز وجوه البيان القرآني، وهو من مظاهر التحدِّي في كتاب الله المعجز الذي لا تنقضي عجائبه ولا يخلَق من كثرة الردّ.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وليس في القرآن تكرار محض، بل لابد من فوائد في كل خطاب فـ «المتشابه» في النظائر المتماثلة، و «المثاني» في الأنواع. وتكون التثنية في المتشابه أي هذا المعنى قد ثني في القرآن لفوائد أخر). (١)

وقد ذكر الخطيب في وجه تكرار هذه الآية أربعاً من الفوائد:

الفائدة الأولى: التفصيل وبيان المعنى.

ووجه بيانه من الآية: أن الآية الأولى قبلها ذكرفيها أخذهم، وفي الآية الثانية ذكر نوع هذا الأخذ وهو: إغراقهم، وذلك تفصيل، وفيه أيضاً تفسير وبيان للأولى؛ ففي ذكر الإغراق بيان للأخذ بالذنوب. (٢)

وهي فائدة ظاهرة من السياق، وممن نصَّ على هذه الفائدة من الآية: الرازي، والنسفي، والخازن، وأبوحيان، والنيسابوري والشوكاني، وغيرهم. (٣)


(١) مجموع الفتاوى (١٤/ ٤٠٨)
(٢) ينظر: الكشاف (٢/ ٢٣٠)، والبحر المحيط (٥/ ٣٣٨)
(٣) ينظر: التفسير الكبير (١٥/ ٤٩٦)، ومدارك التنزيل (١/ ٦٥٢)، ولباب التأويل (٢/ ٣٢٠)، والبحر المحيط (٥/ ٣٣٨)، وغرائب القرآن (٣/ ٤١٠)، وفتح القدير (٢/ ٣٦٣).

<<  <   >  >>