للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأول إشارة إلى أنهم أنكروا الدلائل الإلهية، والثاني إشارة إلى أنه سبحانه ربَّاهم وأنعم عليهم بالوجوه الكثيرة، فأنكروا دلائل ربوبيته وإحسانه مع كثرتها وتواليها عليهم، فكان الأثر اللازم من الأول هو الأخذ، والأثر اللازم من الثاني هو الإهلاك والإغراق، وذلك تأكيد ودلالة على أن لكفران النعمة أثر عظيم في حصول الهلاك والبوار. (١)

قال السيوطي عن أسلوب التكرير: (وهو أبلغ من التأكيد، وهو من محاسن الفصاحة، خلافاً لبعض من غلط). (٢)

وهي فائدة حسنة، يشهد لها تكرار المعاني في كثير من الآيات بغرض التأكيد، وممن نصَّ على هذه الفائدة: القشيري، والزمخشري، والبيضاوي، والنسفي، والخازن، وأبو حيان، والنيسابوري، والشوكاني، والألوسي، وابن عاشور، وغيرهم. (٣)

الفائدة الرابعة: اختلاف السبب وعليه اختلف التشبيه.

ووجه ذلك كما قال ابن عطية: (وهذا التكرير هو لمعنى ليس للأول، إذ الأول دأبَ في أن هلكوا لمَّا كفروا، وهذا الثاني دأبَ في أن لم تُغيّر نعمتهم حتى غيّروا ما بأنفسهم). (٤)


(١) ينظر: التفسير الكبير (١٥/ ٤٩٦)
(٢) الإتقان في علوم القرآن (٣/ ٢٢٤)، وينظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي (٣/ ١١).
(٣) لطائف الإشارات (١/ ٦٣٣)، والكشاف (٢/ ٢٣٠)، وأنوار التنزيل (٣/ ٦٤)، ومدارك التنزيل (١/ ٦٥٢)، ولباب التأويل (٢/ ٣٢٠)، والبحر المحيط (٥/ ٣٣٨)، وغرائب القرآن (٣/ ٤١٠)، وفتح القدير للشوكاني (٢/ ٣٦٣)، وروح المعاني (٥/ ٢١٦) والتحرير والتنوير (١٠/ ٤٦).
(٤) المحرر الوجيز (٢/ ٥٤١).

<<  <   >  >>