للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد نهج الخطيب منهج الأشاعرة (١) في تأويله لآيات الصفات، فأثبت - كما أثبت الأشاعرة- سبع صفات فقط وهي: الحياة والقدرة، والإرادة، والعلم، والكلام (٢)، والسمع، والبصر. (٣)

وأوَّل صفة الوجه (٤)، والعين (٥)، واليد (٦)، والعلو (٧). وغيرها من صفات الذات.


(١) الأشاعرة أو الأشعرية هي فرقة تنتسب لأبي الحسن الأشعري قبل رجوعه عن مذهبه، مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة، ولهم معتقدات عقدية باطلة، من أشهر أصولهم: تأويل صفات الله تعالى، والاستدلال على وجود الله بأن الكون حادث، وكل حادث فلابد له من محدِث قديم مخالف للحوادث، والتوحيد عندهم هو نفي التثنية ونفي التبعيض والتركيب والتجزئة، والإيمان هو التصديق القلبي، وجاءوا بنظرية الكسب في باب القدر وهي في مآلها جبرية خالصة؛ لأنها تنفي أي قدرة للعبد أو تأثير، وأنكروا تأثير الأسباب في مسبباتها، ونفوا تعليل أفعال الله، وأنكروا أن يكون للعقل والفطرة أي دور في الحكم على الأشياء بالحسن والقبح، وأن مرد ذلك إلى الشرع وحده، إلى آخر أباطيلهم. ينظر: الملل والنحل (١/ ٩٤)، ومنهج الأشاعرة في العقيدة للدكتور سفر الحوالي (١/ ٧٧ - ٩٢).
(٢) أثبت الخطيب هذه الصفة لكن على منهج الأشاعرة، فالكلام الذي يثبتونه لله تعالى هو معنى أزلي أبدى قائم بالنفس ليس بحرف ولا صوت ولا يوصف بالخبر ولا الإنشاء، وتبع الرازي هنا في طعناته على مذهب السلف كما يظهر جلياً في هذه الصفة. فعند تفسيره لقوله تعالى {وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: ١٤٣] قال: "وذهب بعض الحنابلة والحشوية إلى أنّ كلام الله تعالى حروف وأصوات متقطعة وأنه قديم، قال الإمام الرازي: وهذا القول أخس من أن يلتفت إليه العقل، والذي عليه أكثر أهل السنة والجماعة - يعني الأشاعرة- أنّ كلام الله تعالى صفة مغايرة لهذه الحروف والأصوات، وأنّ موسى سمع تلك الصفة الحقيقية الأزلية، قالوا: كما أنه لا يبعد رؤية ذاته مع أنّ ذاته ليست جسماً ولا عرضاً، كذلك لا يبعد سماع كلامه مع أنّ كلامه لا يكون حرفاً ولا صوتاً." السراج المنير (١/ ٥١٢)، وينظر: المفسرون بين التأويل والإثبات للمغراوي ص ١٢٢٢.
(٣) ينظر على سبيل المثال: إثباته لصفة العلم في السراج المنير (١/ ١١٤).
(٤) قال عند قوله تعالى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨]: " ثم علل وحدانيته بقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} أي: ذاته؛ فإنّ الوجه يعبر به عن الذات، قال أبو العالية: إلا ما أريد به وجهه، وقيل: إلا ملكه". السراج المنير (٣/ ١٢٣).
(٥) قال عند قوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: ١٤] أي: السفينة {بِأَعْيُنِنَا} أي: محفوظة من أنْ تدخل بحر الظلمات، أو يأتي عليها غير ذلك من الآفات بحفظنا على مالنا من العظمة حفظ من ينظر الشيء بأعين كثيرة ولا يغيب عنه أصلاً.) السراج المنير (٤/ ١٤٦)، وعند قوله تعالى {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: ٤٨]، قال: " أي: بمرأى منا نراك ونحفظك". السراج المنير (٤/ ١٢٠).
(٦) قال عند تفسير قوله تعالى {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: ١]: «(الذي بيده) أي: بقدرته وتصرفه لا بقدرة غيره.» السراج المنير (٤/ ٣٣٦).
(٧) قال عند تفسير قوله تعالى {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: ٢٥٥]: "وهو العليّ أي: الرفيع فوق خلقه، المتعالي عن الأشباه والأنداد." السراج المنير (١/ ١٦٩).

<<  <   >  >>