للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاجتهم إلى المغفرة، وإن كان تخلفهم عن الجهاد بعذر، فقال {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فلا يسعهم إلا عفوه سبحانه وتعالى ومغفرته. (١)

وممن أشار إلى هذه الدلالة من الآية: حقي، وأبو السعود، والقاسمي، وغيرهم. (٢)

قال القاسمي مؤكداً هذه الدلالة: (قوله تعالى: {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} تذييل مؤيد لمضمون ما ذُكر، مشير إلى أن بهم حاجة إلى المغفرة، وإن كان تخلفهم بعذر- أفاده أبو السعود (٣) - أي لأن المرء لا يخلو من تفريطٍ ما، فلا يقال إنه نفى عنهم الإثم أولاً، فما الاحتياج إلى المغفرة المقتضية للذنب؟). (٤)

ولهذا حسُن ختم الآية بقوله {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} إشعاراً بحاجة العبد وفاقته دائماً إلى العفو والمغفرة، مهما بلغ به من الطاعة وزال عنه العذر، فإن المرء محل الضعف والتفريط، وغلبة الهوى مهما بلغ، فهو في حاجة رحمة الله وعفوه، والتي من دلائلها هنا أن عفا عن العاجزين، وأثابهم بنيتهم الجازمة ثواب القادرين الفاعلين. (٥) والله تعالى أعلم.


(١) ينظر: روح البيان (٣/ ٤٨٥)
(٢) ينظر: روح البيان (٣/ ٤٨٥)، وإرشاد العقل السليم (٤/ ٩٢)، ومحاسن التأويل (٥/ ٤٧٧).
(٣) ينظر: المرجع السابق.
(٤) محاسن التأويل (٥/ ٤٧٧)
(٥) ينظر: تيسير الكريم الرحمن (١/ ٣٤٨)، ونظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي في غير موضع الآية لكن نصَّ على هذه الدلالة نفسها (٢١/ ٣٧).

<<  <   >  >>