للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنزل الله عتابه لهم بقوله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} الآية [التوبة: ١١٣] ندموا على استغفارهم للمشركين، فبيّنت الآية أن استغفارهم لهم قبل التحريم على البراءة الأصلية لا إثم عليهم فيه، ولا حرج حتى يبين لهم ما يتقون. (١)

قال الطبري في معنى هذه الآية: (وما كان الله ليقضي عليكم، في استغفاركم لموتاكم المشركين، بالضلال، بعد إذ رزقكم الهداية، ووفقكم للإيمان به وبرسوله، حتى يتقدَّم إليكم بالنهي عنه، فتتركوا الانتهاء عنه. فأما قبل أن يبين لكم كراهية ذلك بالنهي عنه، ثم تتعدوا نهيه إلى ما نهاكم عنه، فإنه لا يحكم عليكم بالضلال، لأن الطاعة والمعصية إنما يكونان من المأمور والمنهي، فأما من لم يؤمر ولم ينه، فغير كائن مطيعاً أو عاصياً فيما لم يؤمر به ولم ينه عنه). (٢)

وممن وافق الخطيب في استنباط هذه الدلالة من الآية: الرازي، والبيضاوي، وأبو السعود، وحقي، وغيرهم. (٣)


(١) ينظر: شرح الكوكب المنير (٤/ ٤٠٤)، ومذكرة في أصول الفقه (١/ ١٩٠)، ومعالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة (١/ ٢١٠)
(٢) جامع البيان (١٤/ ٥٣٦)
(٣) ينظر: التفسير الكبير (١٦/ ١٦٠)، وأنوار التنزيل (٣/ ١٠٠)، وإرشاد العقل السليم (٤/ ١٠٨)، وروح البيان (٣/ ٥٢٣).

<<  <   >  >>