للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: القشيري، والرازي، وابن عادل، وغيرهم. (١)

قال القشيري: (قوله: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ} إشارة إلى أن أفعال العباد مخلوقة، فمعناه: اجعل صلاتى، والجعل والخلق بمعنى، فإذا جعله مقيم الصلاة، فمعناه أن يجعل له صلاة). (٢)

وهي دلالة صحيحة، ووجه استنباطها بدلالة الجمع بين الآيتين ملحظ لطيف.

وقد مضى الكلام عن خلق الله لأفعال العباد (٣)، وأن خلقه تعالى أفعال العباد خيرها وشرها لا يخرجها عن كونها مقدورة للعبد، وأنه تعالى خلق القادر والقدرة والمقدور معاً، كما قال سبحانه {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}، وخلق فيهم اختيارهم كما أخبر تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (٤).

والقول بأن الله خالق كل شيء ومن ذلك أفعال العباد، وكل ذلك وفق مشيئته تعالى وإرادته، هو قول الجمهور من أهل السنة، والجهمية، والأشاعرة،


(١) ينظر: لطائف الإشارات (٢/ ٢٥٨)، والتفسير الكبير (١٩/ ١٠٦)، واللباب في علوم الكتاب (١١/ ٤٠٣).
(٢) لطائف الإشارات (٢/ ٢٥٨)
(٣) ينظر: الاستنباط رقم (٩٦) من سورة الأعراف.
(٤) ينظر: الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد للبيهقي ص ١٤٣ - ١٤٤، والتوحيد للماتريدي ص ٢٢٨، وشرح الطحاوية (١/ ٤٣٨)، ولوامع الأنوار البهية (١/ ٢٩٣)، وشرح العقيدة السفارينية لابن عثيمين (١/ ٣٢٥)

<<  <   >  >>