للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهي دلالة صحيحة؛ إذ ثبت أن الله تعالى يخفف العذاب عن بعض المؤمنين بل يرفعه عنهم بالكلية، وهذا مقتضى رحمته تعالى ولطفه بعباده المؤمنين، وكرمه، كما جاء في غير آية من القرآن، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨].

وفي الحديث القدسي عند مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عز وجل: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد، ومن جاء بالسيئة فجزاؤه سيئة مثلها أو أغفر، ومن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئاً لقيته بمثلها مغفرة». (١)

وممن وافق الخطيب في استنباط هذه الدلالة من الآية: الخازن، وابن عادل، والنيسابوري، وطنطاوي، والألوسي، وغيرهم. (٢)

ويشهد لصحة دلالة هذه الآية أيضاً ما ثبت في القرآن أنه تعالى لا يخفف عن الكفار شيئاً من العذاب. كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} [فاطر: ٣٦]، وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (٤٩) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [غافر: ٤٩ - ٥٠]، فنصَّ تعالى على كمال عذاب الكفار وتمامه، وخصَّهم


(١) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله تعالى برقم (٢٦٨٧) (٤/ ٢٠٦٨)
(٢) ينظر: لباب التأويل (٣/ ٧٣)، وغرائب القرآن ٤/ ٢٥٧)، واللباب في علوم الكتاب (١٢/ ٤٢)، والتفسير الوسيط لطنطاوي (٨/ ١٣١)، وروح المعاني (٧/ ٣٦٥).

<<  <   >  >>