للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعلّ هذا هو السبب الذي حمل فريقاً من العلماء إلى القول: إن الملائكة ليسوا بمكلفين، وإنهم ليسوا بداخلين في الوعد والوعيد. (١)

والظاهر أن الملائكة ليسوا بمكلفين بالتكاليف نفسها التي كُلِّف بها أبناء آدم. أما القول بعدم تكليفهم مطلقاً، فهو قول مردود؛ لأنهم مأمورون بالعبادة والطاعة كما أخبر تعالى {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: ٥٠]. وفي الآية أنهم يخافون ربهم، والخوف نوع من التكاليف الشرعية، بل هو من أعلى أنواع العبودية، كما قال فيهم: {وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: ٢٨]. (٢)

قال ابن القيم: (وأما الملائكة فليسوا بداخلين تحت أحكام تكاليف البشر حتى يصح قياسهم عليه (٣) فيما يقولونه ويفعلونه، فأين أحكام الملك من أحكام البشر، فالملائكة رُسُل الله في خلقه وأمره يتصرفون بأمره لا بأمر البشر). (٤)

وبهذا يظهر أن الملائكة مكلفون تكليفاً خاصاً يختلف عن تكليفنا (٥)، كاختلاف تكليفنا عن تكليف الجن، وأنهم لا يفعلون إلا ما أُمروا به، وأنهم


(١) ينظر: المرجع السابق
(٢) عالم الملائكة الأبرار للدكتور عمر الأشقر (١/ ٢١)
(٣) يعني محل النزاع في المسألة التي تخللها الكلام عن الملائكة وهي: (هل يسوغ لأحدٍ أن يصلي على غير الرسول صلى الله عليه وسلم؟.)
(٤) ينظر: جلاء الأفهام (١/ ٤٧٧)، وبدائع الفوائد (٣/ ٢٠٤)
(٥) ينظر: الحبائك في أخبار الملائك للسيوطي (١/ ٢٥٦) قال السيوطي: (قال ابن جماعة: المكلفون على ثلاثة أقسام: قسم كُلف من أول الفطرة قطعاً وهم الملائكة وآدم وحواء - عليهم السلام -، وقسم لم يكلف من أول الفطرة وهم أولاد آدم، وقسم فيهم نزاع والظاهر أنهم مكلفون من أول الفطرة وهم الجان).

<<  <   >  >>