للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن عثيمين: (قال موسى للخضر: هل أتبعك؟ وهذا عرض لطيف وتواضع، وتأمّل هذا الأدب من موسى - عليه الصلاة والسلام - مع أن موسى أفضل منه وكان عند الله وجيهاً، ومع ذلك يتلطف معه لأنه سوف يأخذ منه علماً لا يعلمه موسى، وفي هذا دليل أنَّ على طالب العلم أن يتلطف مع شيخه ومع أُستاذه وأن يُعامله بالإكرام). (١)

وقد استنبط كثير من المفسرين هذه الفائدة وغيرها من قصة موسى مع الخضر، منهم: الزجاج، والواحدي، والرازي، والقرطبي، والبيضاوي، والنسفي، وابن جزي، وأبو السعود، والشوكاني، والقاسمي، والسعدي، وابن عاشور، والعثيمين، وغيرهم. (٢)

وفيما فعله موسى - وهو من جِلّة الأنبياء وقد أوتي التوراة - من طلبه العلم والرحلة في ذلك، ما يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يترك طلب العلم، وإن كان قد بلغ نهايته وأحاط بأكثر ما يدركه أهل زمانه، حتى لو استغرق زمناً طويلاً لتحقيق مراده، ويظهر ذلك في قوله تعالى: {أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}، كما أفادت الآية أن على المعلم النصح لتلميذه غاية النصح، بتبيين حال العلم حتى لا يُدخله فيما لا يطيقه من العلم {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} مع تبيين السبب فيما يردُّه عنه أو يمنعه منه، ويظهر ذلك في بيان الخضر لموسى عليه السلام {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ


(١) تفسير العثيمين سورة الكهف (١/ ١١٣)
(٢) ينظر: معاني القرآن وإعرابه (٣/ ٣٠١)، التفسير الوسيط (٣/ ١٥٨)، والتفسير الكبير (٢١/ ٤٨٣)، والجامع لأحكام القرآن (١١/ ١٧)، وأنوار التنزيل (٣/ ٢٨٧)، ومدارك التنزيل (٢/ ٣١١)، التسهيل (١/ ٤٧٠)، والبحر المحيط (٧/ ٢٠٥)، وتفسير القرآن العظيم (٥/ ١٨١)، وإرشاد العقل السليم (٥/ ٢٣٤):، وفتح القدير (٣/ ٣٥٤)، ومحاسن التأويل (٧/ ٤٨)، تيسير الكريم الرحمن (١/ ٤٨٤)، والتحرير والتنوير (١٥/ ٣٧٠)، وتفسير العثيمين (١/ ١١٣).

<<  <   >  >>