للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاها: أن لا يُعجب المرء بعلمه، ويَظهر ذلك في عتاب موسى عليه السلام بعد أن سُئِل عن أعلم الناس فنسب ذلك إلى نفسه (١)، وهو درسٌ لمن بعده أن لا يرى في نفسه إعجاباً بعلمه أو فهمه، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

ثانيها: أن لا يبادر إلى إنكار ما لا يستحسنه فلعلَّ فيه سراً لا يعرفه، وهذا أصلٌ في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو التثبُّت والتحقُّق من كونه منكرًا، وعدم المبادرة إلى الحكم على الشيء، حتى يُعرف ما يراد منه وما هو مقصود؛ فظاهر هذه الأمور التي عاينها موسى - عليه السلام - أنها من المنكر، وموسى لا يسعه السكوت عنها في غير هذه الحال التي صحِب عليها الخضر، فبادر إلى الحكم ولم يلتفت إلى هذا العارض الذي يوجب عليه الصبر وعدم المبادرة إلى الحكم، فعُوتب على رفض الوصية وقلة التثبت والصبر، لمَّا تكرر منه الاستنكار، ولم يرعوِ بالتذكير حتى زاد في النكير في المرة الثانية. (٢)

وممن نصّ على هذه الفائدة: القشيري، والرازي، وأبو السعود، والسعدي، وغيرهم. (٣)

ثالثها - وقد تقدَّمت-: أن يداوم على التعلم ويتذلل للعلماء ويراعي الأحب في المقال، كما فعل موسى عليه السلام في حسن أدبه، وتواضعه، وتلطّفه في الخطاب مع جلالة قدره وسعة علمه.


(١) كما رواه ابن جرير الطبري وغيره عن أُبي بن كعب. ينظر: جامع البيان (١٨/ ٧٠)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (٥/ ١٨١).
(٢) ينظر: إرشاد العقل السليم (٥/ ٢٣٦)، وتيسير الكريم الرحمن (١/ ٤٨٢)
(٣) ينظر: لطائف الإشارات (٢/ ٤١٠)، والتفسير الكبير (٢١/ ٤٨٤)، وإرشاد العقل السليم (٥/ ٢٣٦)، وتيسير الكريم الرحمن (١/ ٤٨٢).

<<  <   >  >>