للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال البغوي: ({وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} أي ورضي قوله. قال ابن عباس: يعني قال لا إله إلا الله، فهذا يدل على أنه لا يشفع لغير المؤمن). (١)

وذكر جماعة من المفسرين أن الاستثناء منقطع، والمعنى لكن من أذن له الرحمن أن يشفع ورضي له قوله في الشفاعة. (٢)

قال الطبري في معناه: ({إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} أن يشفع {وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} وأدخل في الكلام " له " دليلاً على إضافة القول إلى كناية " من " وذلك كقول القائل الآخر: رضيت لك عملك، ورضيته منك). (٣)

ويشهد لهذا المعنى آيات كثيرة من كتاب الله كقوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥]، وقوله: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: ٢٦]، وقوله: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: ٣٨]. (٤)

والذي يظهر والله تعالى أعلم أن الإذن في الشفاعة يشمل الشافع والمشفوع له.

قال شيخ الإسلام: " {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ} نفى النوعين: شفاعة الشفعاء والشفاعة للمذنبين. فقوله {إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} يتناول النوعين: من أذن له


(١) معالم التنزيل (٣/ ٢٧٥)
(٢) ينظر: جامع البيان (١٨/ ٣٧٥)، والجامع لأحكام القرآن (١١/ ٢٤٧)، وتفسير القرآن العظيم (٥/ ٣١٧)، وتيسير الكريم الرحمن (١/ ٥١٤)
(٣) جامع البيان (١٨/ ٣٧٥)
(٤) ينظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٥/ ٣١٧)

<<  <   >  >>