للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه الآية فيها تعليم العباد كيفية الدعاء وآدابه، بتقديم الثناء على الله تعالى بما هو أهلُه من نعوت الجلال، وصفات العظمة والكمال، والبدء بحمده تعالى وشكره، والاعتراف بين يديه سبحانه بالذل والفقر إليه، تمهيداً لسؤاله، فهو تعالى يُحب من عبده التذلل إليه، والاعتراف بعظيم نعمه وفضله، فإذا قدَّم العبد صِدق التذلل، ثم أتبعه بصِدق الدعاء والمسألة، كان ذلك أدعى لإجابة الدعاء.

وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته، لم يُمجِّد الله ولم يصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: " عجِل هذا ". ثم دعاه فقال له ولغيره: "إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله عز وجل والثناء عليه، ثم ليصل على النبي ثم ليدع بما شاء". (١)

وهكذا كان حال دعائه صلى الله عليه وسلم، فالمتأمل للأدعية الواردة في السُنَّة يجدكثيراً منها مبدوءاً بالثناء على الله، والاعتراف بفضله، وكذلك دعاء يونس عليه السلام قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: " دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له " (٢).


(١) أخرجه أبو داود في سننه برقم (١٤٨١)، (٢/ ٧٧)، والترمذي في سننه برقم (٣٤٧٧) (٥/ ٥١٧) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه أحمد في المسند برقم (٢٣٩٨٢)، (٦/ ١٨)، والحاكم في المستدرك برقم (٨٤٠)، (١/ ٣٥٤)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم (١٤٨١) (٢/ ٧٧)، وفي صحيح سنن الترمذي رقم (٣٤٧٧)، (٥/ ٥١٧)
(٢) أخرجه الترمذي في سننه، برقم (٣٥٠٥)، (٥/ ٥٢٩)، وأحمد في المسند برقم (١٤٦٢)، (٣/ ٦٥) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٢/ ١٣٠)، برقم (١٦٤٤).

<<  <   >  >>