للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقع اختياره عليه منهما ليعقد له عليها، فأشار إليهما بقوله {هَاتَيْنِ} لدفع التوهم عن إرادة غيرهما، فدلَّ باللازم على أنه كان له غيرهما.

وممن وافق الخطيب في استنباط هذه الدلالة من الآية: الزمخشري، والنسفي، والألوسي، وغيرهم. (١)

وخالف بعض المفسرين فضعَّف دلالة الآية على هذا المعنى كأبي حيان قال:

(قال الزمخشري: ({هَاتَيْنِ} فيه دليل على أنه كانت له غيرهما. انتهى. ولا دليل في ذلك، لأنهما كانتا هما اللتين رآهما تذودان وجاءته إحداهما فأشار إليهما، والإشارة إليهما لا تدل على أن له غيرهما). (٢)

وتعقَّبه بعض المفسرين كالألوسي مؤكداً هذه الدلالة فقال: (واعتُرِض بأنه لا دلالة فيه على ما ذُكِر؛ إذ يكفي في الحاجة إلى الإشارة عدمُ عِلم المخاطب بأنه ما كانت له غيرهما. وتُعقِّب بأنه على هذا تكفي الإضافة العهدية ولا يحتاج إلى الإشارة، فهذا يقتضي أن يكون للمخاطب علم بغيرهما معهود عنده أيضاً، وإنما الإشارة لدفع إرادة غيرهما من ابنتيه الأُخريين المعلومتين له من بينهن). (٣)

والذي يظهر أن الإشارة لهما بقوله {هَاتَيْنِ} لم تُذكر عبثاً، وإنما جاءت لدفع توهم غيرهما من بناته، والله تعالى أعلم.


(١) ينظر: الكشاف (٣/ ٤٠٤)، ومدارك التنزيل (٢/ ٦٣٨)، وروح المعاني (١٠/ ٢٧٦)
(٢) البحر المحيط (٨/ ٣٠٠)
(٣) روح المعاني (١٠/ ٢٧٦)

<<  <   >  >>