للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن نصَّ على هذه الدلالة من الآية: الطبري، والسمعاني، والرازي، وأبو حيان، والبقاعي، وابن كثير، وأبو السعود، والشوكاني، والألوسي، والسعدي، وغيرهم. (١)

وكان - عليه السلام - في البرية في ليلة مظلمة، شديدة البرد، وقد أخذ امرأته الطلق (٢)، فأبصر عن بُعد ناراً تأجج في جانب الطور، وكأنه رآها والله أعلم دونهم، لأن هذه النار هي نور في الحقيقة، فقال: لعلي آتيكم منها بخبر: أي عن الطريق. (٣)

قال ابن كثير مؤيداً هذا الاستنباط: (فدلَّ على أنهم كانوا قد تاهوا عن الطريق في ليلة باردة ومظلمة، لقوله في الآية الأخرى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (٩) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه: ٩ - ١٠] فدلَّ على وجود الظلام، وكونهم تاهوا عن الطريق.) (٤)

وبهذا يظهر صحة استنباط الخطيب، وبه قال جمع من المفسرين، كما أن في الآية إشارة أخرى وهي التنبيه على حرص موسى - عليه السلام - على أهله، وعطفه وعنايته بهم، والسعي من أجل سلامتهم، والأنبياء عليهم السلام خير قدوة في معاملتهم لأهليهم، والله تعالى أعلم.


(١) ينظر: جامع البيان (١٩/ ٥٧٢)، وتفسير السمعاني (٤/ ١٣٧)، والتفسير الكبير (٢٤/ ٥٩٣)، والبحر المحيط (٨/ ٣٠١)، ونظم الدرر (١٤/ ٢٧٨)، وإرشاد العقل السليم (٧/ ١٢)، فتح القدير (٤/ ١٤٦)، وروح المعاني (١٠/ ٢٨١)، وتيسير الكريم الرحمن (١/ ٦١٥).
(٢) ينظر: معالم التنزيل (٣/ ٥٣٣)، والبحر المحيط (٨/ ٣٠١).
(٣) ينظر: قصص الأنبياء لابن كثير (٢/ ٢٤)، والبداية والنهاية (١/ ٢٨٥)
(٤) المرجع السابق.

<<  <   >  >>