للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأهل خشيته هم أهل كرامته، كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣]، حيث بيَّن تعالى أن الكرامة بقدر التقوى، والتقوى بقدر العلم، فثبت أن الكرامة بقدر العلم لا بقدر العمل. (١)

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: الجصاص (٢)، والرازي، وغيرهما. (٣)

ويدل له ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «فضل العالم على العابد كف ٠ ضلي على أدناكم» (٤). وقوله عليه الصلاة والسلام «فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب» (٥)

ويؤيد دلالة هذه الآية أيضاً أن عمل العابد قاصر على نفسه، والعالم عمله متعدٍ نفعه إلى الغير، كما أن العابد إذا مات انقطع عمله، والعالم المنتفع بعلمه لا ينقطع عمله ما دام نفعه الذي نُسِب إليه، فأين أحدهما من الآخر؟. (٦)


(١) ينظر: أحكام القرآن للجصاص (٥/ ٢٤٦)، وتيسير الكريم الرحمن (١/ ٦٨٩)
(٢) قال الجصاص: (قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} - إلى قوله- {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: ٧ - ٨] خبرٌ أن خير البرية من خشي ربه، وأخبر في الآية أن العلماء بالله هم الذين يخشونه، فحصل بمجموع الآيتين أن أهل العلم بالله هم خير البرية). أحكام القرآن (٥/ ٢٤٦)
(٣) ينظر: المرجع السابق، والتفسير الكبير للرازي (٢٦/ ٢٣٦)
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) ينظر: تفسير القرآن الكريم لابن القيم (١/ ٨٢)، وتفسير القرآن العظيم (٦/ ٥٤٤)، وتفسير ابن رجب الحنبلي (٢/ ١٠٤).

<<  <   >  >>