للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدلالة الثانية:

الجن يثابون بدخول الجنة.

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على أن الجن تدخل الجنة - ويكون لهم فيها جنتان- خلافاً لمن قال إنهم لا يدخلونها، بل يُثابون بالنجاة من النار؛ لأنه تعالى قال: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ٤٦]، وذكر ما فى الجنتين إلى قوله تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: ٥٦]، وهذا يدل على أن ثواب محسنهم الجنة من وجوه:

أحدها: أن «مَنْ» مِن صيغ العموم، فتتناول كل خائف. (١)

الثاني: أنه رتَّب الجزاءَ المذكور على خوف مقامه، فدلَّ على استحقاقه به.

الثالث: أن خوف مقام العبد بين يدى ربه فى الآخرة لا يكون إلا ممن يؤمِن بلقائه وباليوم الآخر وبالبعث بعد الموت، وهذا هو الذي يستحق الجنتين المذكورتين، فإنه لا يؤمِن بذلك حق الإيمان إلا من آمن بالرسل، وهو من الإيمان بالغيب الذى جاءَت به الرسل. (٢)

ففي الآية دليل لما ذهب إليه الجمهور: أن مؤمني الجن في الجنة، كما أن كافرهم في النار، وبوَّب عليه البخاري في صحيحه -كما تقدم - فقال «باب ذكر الجن وثوابهم وعقابهم» ونصّ عليه غير واحد من السلف. (٣)


(١) تقدم توثيقه.
(٢) ينظر: طريق الهجرتين لابن القيم (١/ ٤٢٥)، وينظر: أضواء البيان للشنقيطي (٧/ ٢٣٧).
(٣) ينظر: تفسير القرآن الكريم لابن القيم (١/ ٥٠٦)، وصحيح البخاري (٤/ ١٢٦)، وفتح الباري لابن حجر (٦/ ٣٤٥) والبحر المحيط للزركشي (٢/ ١٠٧)، والفروع وتصحيح الفروع للمرداوي (١/ ٢٥٨)، والإنصاف في معرفة الخلاف (٢/ ٩٧)، وآكام المرجان في أحكام الجان للشبلي ص ٧٥.

<<  <   >  >>