للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدراسة:

استنبط الخطيب - رحمه الله - من الآية نقلاً عن ابن عادل (١) دلالتها باللازم على أنّ القراء متبعون الأثر والرواية لا مجرّد الخط؛ لأن قراءة السبعة لم تختلف في {إِيلَافِهِمْ} بالياء كما اختلف في قراءة الأول، ومع هذا رُسم الأول {لِإِيلَافِ} في المصاحف العثمانية بالياء، ورسم الثاني بغير ياء، وذُكر في وجه ذلك: أنها رسمت في الأول على الأصل، وتركت في الثاني اكتفاء بالأول (٢)، وذلك أحد الأدلة على أن القراء يتقيدون بالرواية سماعاً دون رسم المصحف، فليس رسم المصحف إلا كالتذكرة للقارئ، فثبت أن القراءة سنة متبعة لا مجال فيها للرأي أو القياس. (٣)

قال بهذا الاستنباط من المفسرين: السمين الحلبي، ونقله عنه: ابن عادل، والشهاب الخفاجي، والألوسي، وغيرهما. (٤)

وهو استنباط قوي وصحيح؛ إذ لا تفسير لذلك غير أن الله تعالى عظَّم هذا القرآن الكريم، وصانه عن التحريف والتغيير، وهذا يدل دلالة واضحة على أنّ هذا القرآن نُقل كما سمع وأن أحداً لم يتصرف فيه بفهمه واجتهاده، والله تعالى أعلم.


(١) وهذه من الاستنباطات التي صرَّح فيها الخطيب بمن نقل عنه واستفاد منه.
(٢) ينظر: حاشيه الشهاب على تفسير البيضاوي (٨/ ٣٩٩)، روح المعاني (١٥/ ٤٧٣)
(٣) ينظر: جمال القراء وكمال الإقراء للسخاوي (١/ ٧٥٣)، والمرشد الوجيز لأبي شامة المقدسي (١/ ٩٠)، والنشرفي القراءات العشر لابن الجزري (١/ ١٠)، ورسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة لشعبان اسماعيل (١/ ٥٥).
(٤) ينظر: الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (١١/ ١١٢)، واللباب في علوم الكتاب (٢٠/ ٥٠٤)، وحاشية الشهاب على تفسير البيضاوي (٨/ ٣٩٩)، وروح المعاني (١٥/ ٤٧٣).

<<  <   >  >>