للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد سبق الخطيب إلى هذا الاستنباط من الآية البقاعي (١)، ولم أقف عليه عند غيره من المفسرين عند هذه الآية.

والمتحصل من كلام أهل العلم في التلقيب مضافاً إلى الدين، سواء للعلماء أو السلاطين أو خلافهم من المسلمين أو غيرهم ما يلي:

أولاً: أن هذا من محدثات القرون المتأخرة، من واردات الأعاجم على العرب المسلمين، فلا عهد للقرون المفضلة بذلك، لا سيما الصدر منها.

ثانياً: حرمة تلقيب الكافر بذلك، ويلحق به تلقيب المبتدع والفاسق والماجن.

ثالثاً: فيما عدا ذلك مختلف بين الحرمة والكراهة والجواز، والأكثر على كراهته (٢). (٣)

ومن هنا يظهر أنه لا ينبغي التسمي ولا التلقيب بمثل هذه الألقاب، لأن أكثر العلماء على كراهتها كما تقدم، وبدلالة الإشارة إلى كراهة ذلك، كما نصَّ عليه الخطيب من هذه الآية الكريمة وإن كانت لا تظهر من الآية كل الظهور، إلا أنها موافقة لقول أهل العلم، وقد ذُكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية كراهته لتلقيبه بتقي الدين فكان يقول: «لكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر» (٤)، وذلك لما فيها من التزكية، والله تعالى أعلم.


(١) نظم الدرر (٢٢/ ٣٤١)، وهي من الاستنباطات التي صرَّح فيها الخطيب بمن نقل عنه واستفاد منه.
(٢) ينظر: مغني المحتاج (٤/ ٢٩٥)، وحاشية ابن عابدين (٥/ ٢٦٥ ومابعدها)، والفواكه الدواني (١/ ٤٦١)
(٣) ينظر: معجم المناهي اللفظية لبكر أبو زيد (١/ ٩٢). وينظر: منهاج السنة النبوية (٤/ ٢٠٦)، وتحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم (١/ ١٣٦)
(٤) وكان الإمام النووي يكره تلقيبه بمحيي الدين، وكذا ابن القيم، وغيرهما من علماء أجلاء رحمهم الله. ينظر: معجم المناهي اللفظية (١/ ٥٤٥)

<<  <   >  >>