للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتفسير تعرفه العرب من لغاتها، وتفسير يعلمه الراسخون في العلم، وتفسير لا يعلمه إلا الله (١).

ويُروى هذا القول عن عائشة وعروة وأبي الشعثاء وأبي نَهيك وغيرهم (٢).

وقد قال الحافظ أبو القاسم في المعجم الكبير: حدثنا هاشم بن مزيد، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش، حدثني أبي، حدثني ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي مالك الأشعري، أنه سمع رسول الله يقول: "لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال: أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا فيقتتلوا، وأن يفتح لهم الكتاب فيأخذ المؤمن يبتغي تأويله ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ … ﴾ الآية، وأن يزداد علمهم فيضيعوه ولا يبالون عليه" (٣) غريب جدًّا.

وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن عمرو، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا ابن أبي حازم، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن ابن العاص، عن رسول الله ، قال: "إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضًا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما تشابه فآمنوا به" (٤).

وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: كان ابن عباس يقرأ (٥): (وما يعلم تأويله إلا الله، ويقول الراسخون آمنا به) (٦).

وكذا رواه ابن جرير عن عمر بن عبد العزيز ومالك بن أنس أنهم يؤمنون به ولا يعلمون تأويله (٧).

وحكى ابن جرير أن في قراءة عبد الله بن مسعود: (إن تأويله إلا عند الله، والراسخون في العلم يقولون: آمنا به)، وكذا عن أُبي بن كعب (٨)، واختار ابن جرير هذا القول.

ومنهم من يقف على قوله: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾، وتبعهم كثير من المفسرين (٩) وأهل الأصول،


(١) أخرجه ابن المنذر بسند ضعيف من طريق محمد بن السائب الكلبي عن ابن عباس (التفسير ص ١٣١ رقم ٢٥٥)، وأخرجه الطبري من طريق أبي الزناد عن ابن عباس، وأبو الزناد لم يسمع عن ابن عباس لأنه مات سنة ١٣٠ وهو ابن ٦٦ سنة (ينظر: تهذيب التهذيب ٥/ ٢٠٤).
(٢) يقصد بهذا القول: الوقف على لفظ الجلالة، وقد أخرج ابن أبي حاتم بسند حسن عن أبي الشعثاء وأبي نهيك في قوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ [آل عمران: ٧] قالا: إنكم تصلون هذه الآية وهي مقطوعة … وأخرجه بنحوه بسند حسن عن عروة، وبسند صحيح عن عائشة بنحوه.
(٣) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ٣/ ٣٣٢ ح ٣٤٤٢) وفي سنده محمد بن إسماعيل بن عياش: عابوا عليه أنه حدث عن أبيه بغير سماع. (التقريب ص ٤٦٨).
(٤) أخرجه الإمام أحمد من طريق عمرو بن شعيب به (المسند ح ٦٧٤١)، وصححه محققه أحمد شاكر، وأخرجه ابن سعد من طريق عبد العزيز بن أبي حازم به (الطبقات الكبرى ٤/ ١٩٢)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة ٤/ ٢٨.
(٥) كذا في (عف) و (ح) و (حم) وفي الأصل: "يقول"
(٦) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه في تفسيره وسنده حسن.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح عن عمر بن عبد العزيز، وبسند صحيح عن مالك.
(٨) ذكره الطبري وأبو داود في المصاحف ص ٥٩ وابن عطية في المحرر الوجيز ٢/ ٣٤٢.
(٩) في الأصل: "المقربين" وهو تصحيف والتصويب من (عف) و (ح) و (حم).