للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٩٧)[آل عمران]، وقال ههنا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي: بآيات الله، وكذبوا رسله، وخالفوا كتابه، ولم ينتفعوا بوحيه إلى أنبيائه (١) ﴿لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ﴾ أي حطبها الذي تسجر به، وتوقد به، كقوله: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨)[الأنبياء].

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا ابن لهيعة، أخبرني ابن الهاد، عن هند بنت الحارث (٢)، عن أُم الفضل أُم عبد الله بن عباس، قالت: بينما نحن بمكة، قام رسول الله من الليل فنادى: "هل بلغت اللَّهم، هل بلغت"؟ ثلاثًا، فقام عمر بن الخطاب قال: نعم، ثم أصبح فقال رسول الله : "ليظهرن الإسلام حتى يرد الكفر إلى مواطنه، ولتَخُوضُنّ البحارَ بالإسلام، وليأتين على الناس زمان يتعلمون القرآن ويقرؤونه، ثم يقولون: قد قرأنا وعلمنا، فمن هذا الذي هو خير منا، فهل في أولئك من خير؟ " قالوا: يا رسول الله، فمن أولئك؟ قال: "أولئك منكم، وأولئك هم وقود النار" (٣).

وكذا رأيته بهذا اللفظ وقد رواه ابن مردويه من حديث يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن هند بنت الحارث امرأة عبد الله بن شداد، عن أُم الفضل، أن رسول الله قام ليلة بمكة، فقال: "هل بلغت"؟ يقولها ثلاثًا، فقام عمر بن الخطاب وكان أواهًا، فقال: اللَّهم نعم، وحرصت، وجهدت، ونصحت، فاصبر، فقال النبي : "ليظهرن الإيمان حتى يرد الكفر إلى مواطنه، وليخوضن رجال البحار بالإسلام، وليأتين على الناس زمان يقرؤون القرآن، فيقرؤونه ويعلمونه، فيقولون: قد قرأنا وقد علمنا فمن هذا الذي هو خير منا؟ فما في أولئك من خير" قالوا: يا رسول الله، فمن أولئك؟ قال: "أولئك منكم، وأولئك هم وقود النار" (٤)، ثم رواه من طريق موسى بن عبيدة (٥)، عن محمد بن إبراهيم، عن بنت الهاد، عن العباس بن عبد المطلب بنحوه (٦).

وقوله تعالى: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ قال الضحاك عن ابن عباس: كصنيع آل فرعون (٧)، وكذا روي عن عكرمة ومجاهد وأبي مالك والضحاك وغير واحد (٨)، ومنهم من يقول: كسنة آل فرعون (٩)،


(١) في الأصل: "رسله" والمثبت من (عف) و (ح) و (حم).
(٢) في الأصل: "حزن" وهو تصحيف.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده حسن، ولبعضه شاهد في الصحيحين، (صحيح البخاري، الجهاد، باب ركوب البحرح ٢٨٩٤، ٢٨٩٥، وصحيح مسلم الإمارة، باب فضل الغزو (ح ١٦٠، ١٦١).
(٤) حسنه المنذري (الترغيب ١/ ١٣٠)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (ح ١٣٠ - ١٣٢).
(٥) في الأصل: "موسى بن عبيد" والتصويب من (عف) و (حم) و (ح) والتخريج.
(٦) في سنده: موسى بن عبيدة الربذي: ضعيف، وقد توبع كما سبق في رواية ابن أبي حاتم.
(٧) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك به، وسنده ضعيف لأن بشر بن عمارة ضعيف، والضحاك لم يلق ابن عباس، ويشهد له أقوال التابعين من تلاميذ ابن عباس كما سيأتي.
(٨) قول عكرمة ومجاهد أخرجه الطبري بسند فيه سنيد: وهو ضعيف، وقول الضحاك أخرجه ابن المنذر، في حاشية النسخة الخطية من تفسير ابن أبي حاتم، بسند قوي من طريق سلمة بن نبيط عنه، وقول الربيع أخرجه الطبري بسند جيد من طريق أبي جعفر الرازي عنه.
(٩) هو قول الربيع كما تقدم تخريجه.