للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وحبّ الخيل على ثلاثة أقسام): تارة يكون ربطها أصحابها معدة لسبيل الله متى احتاجوا إليها غزوا عليها، فهؤلاء يثابون، وتارة تربط فخرًا ونواء لأهل الإسلام، فهذه على صاحبها وزر وتارة للتعفف واقتناء نسلها، ولم ينس حق الله في رقابها فهذه لصاحبها ستر كما سيأتي الحديث بذلك - إن شاء الله تعالى - عند قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾ الآية [الأنفال: ٦٠]، وأما المسومة، فعن ابن عباس : المسوَّمة: الراعية، والمطهمة: الحسان (١)، وكذا روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعبد الرحمن بن عبد الله بن أبزى والسدي والربيع بن أنس وأبي سنان وغيرهم (٢)، وقال مكحول: المسومة: الغرَّة والتحجيل (٣)، وقيل غير ذلك.

وقد قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سويد بن قيس، عن معاوية بن حُديج، عن أبي ذرّ ، قال: قال رسول الله : "ليس من فرس عربي إلا يؤذن له مع كل فجر يدعو بدعوتين يقول: اللَّهم إنك خولتني من خولتني من بين آدم، فاجعلني من أحمت ماله وأهله إليه، أو أحبّ أهله وماله إليه" (٤).

وقوله تعالى: ﴿وَالْأَنْعَامِ﴾ يعني: الإبل والبقر والغنم، ﴿وَالْحَرْثِ﴾ يعني: الأرض المتخذة للغراس والزراعة.

وقال الإمام أحمد: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا أبو نعامة العدوي (٥)، عن مسلم بن بُديل، عن إياس بن زهير، عن سويد بن هبيرة، عن النبي ، قال: "خير مال امرئ له مهرة مأمورة أو سكة مأبورة" (٦) المأمورة: الكثيرة النسل، والسكة: النخل المصطف، والمأبورة: الملقحة.

ثم قال تعالى: ﴿ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ أي: إنما هذا زهرة الحياة الدنيا وزينتها الفانية الزائلة ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ أي: حسن المرجع والثواب.

وقد قال ابن جرير: حدثنا ابن حُميد، حدثنا جرير، عن عطاء، عن أبي بكر بن حفص بن عمر بن سعد. قال: قال عمر بن الخطاب لما نزلت ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ﴾ قلت: الآن يا ربِّ حين زينتها لنا، فنزلت ﴿قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ … ﴾ الآية (٧)، ولهذا قال تعالى: ﴿قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ﴾ أي: قل يا محمد


(١) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق شريك بن عبد الله عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس، وسنده ضعيف بسبب شريك وخصيف وله شواهد تالية تقوية.
(٢) قول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق حبيب بن أبي ثابت بلفظ: "الراعية"، وقول مجاهد: أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ: "المطهمة" حسنًا.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق شيخ مجهول عن مكحول.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٥/ ٣٩٢ ح ٢١٤٩)، وصححه محققوه موقوفًا، وأخرجه الحاكم من طريق يحيى بن سعيد به، وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ١٤٤).
(٥) في الأصل: "البدوي" وهو تصحيف.
(٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢٥/ ١٧٣ ح ١٥٨٤٥)، وهو مرسل لأن سويد بن هبيرة تابعي ليست له صحبة (ينظر: الجرح والتعديل ٤/ ٢٣٣).
(٧) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي ضعيف، وأبو بكر حفص بن عمر بن سعد لم يدرك عمر، وسنده ضعيف.