للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان عبد الله بن عمر يصلي من الليل، ثم يقول: يا نافع، هل جاء السحر؟ فإذا قال: نعم، أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح، رواه ابن أبي حاتم (١).

وقال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع، حدثنا أبي، عن حريث بن أبي مطر، عن إبراهيم بن حاطب، عن أبيه، قال: سمعت رجلًا في السحر في ناحية المسجد وهو يقول: ربِّ، أمرتني فأطعتك، وهذا السحر فاغفر لي، فنظرت فإذا هو ابن مسعود (٢).

وروى ابن مردويه عن أنس بن مالك قال: كنا نُؤمر إذا صلّينا من الليل أن نستغفر في آخر السحر سبعين مرة.

﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (١٩) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٢٠)﴾.

شهد تعالى وكفى به شهيدًا وهو أصدق الشاهدين وأعدلهم، وأصدق القائلين ﴿أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ أي: المنفرد بالإلهية لجميع الخلائق، وأن الجميع عبيده وخلقه وفقراء إليه، وهو الغني عما سواه، كما قال تعالى: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (١٦٦)[النساء] ثم قرن شهادة ملائكته وأولي العلم بشهادته، فقال: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ﴾ وهذه خصوصية عظيمة للعلماء في هذا المقام ﴿قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾ منصوب على الحال وهو في جميع الأحوال كذلك ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ تأكيد لما سبق، ﴿الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ العزيز الذي لا يرام جنابه عظمةً وكبرياءً، الحكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره.

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا بقية بن الوليد، حدثني جبير بن عمرو (٣) القرشي، حدثنا أبو سعيد الأنصاري، عن أبي يحيى مولى آل الزبير بن العوام، عن الزبير بن العوام، قال: سمعت النبي وهو بعرفة يقرأ هذه الآية ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)﴾ وأنا على ذلك من الشاهدين يا ربّ (٤).

وقد رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر فقال: حدثنا علي بن حسين، حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني، حدثنا عمر بن حفص بن ثابت أبو سعيد الأنصاري، حدثنا عبد الملك بن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن جده، عن الزبير، قال: سمعت رسول الله حين قرأ هذه الآية ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ قال: "وأنا أشهد أي ربّ" (٥).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق سليمان بن موسى عن نافع به.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده حريث بن أبي مطر: وهو ضعيف (التقريب ص ١٥٦).
(٣) في الأصل: "عبد" وهو تصحيف والتصويب من (عف) و (ح) و (حم) والتخريج.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ح ١٤٢١)، وضعفه أحمد شاكر.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وفي سنده عمر بن حفص بن ثابت سكت عنه البخاري (التاريخ الكبير =