للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأُميّ خاتم الرسل ورسول الله إلى جميع الثقلين: الجن والإنس، الذي لو كان الأنبياء بل المرسلون بل أولو العزم منهم في زمانه ما وسعهم إلا اتباعه، والدخول في طاعته، واتباع شريعته، كما سيأتي تقريره عند قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ﴾ الآية [آل عمران: ٨١]، إن شاء الله تعالى.

﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤)﴾.

يخبر تعالى أنه اختار هذه البيوت على سائر أهل الأرض، فاصطفى آدم خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، وأسكنه الجنة، ثم أهبطه منها لما له في ذلك من الحكمة، واصطفى نوحًا وجعله أول رسول [بعثه] (١) إلى أهل الأرض، لما عبد الناس الأوثان، وأشركوا في دين الله ما لم ينزل به سلطانًا، وانتقم له لما طالت مدته بين ظهراني قومه يدعوهم إلى الله ليلًا ونهارًا، سرًا وجهارًا [فلم يزدهم ذلك إلا فرارًا، فدعا عليهم، فأغرقهم الله عن آخرهم، و] (٢) لم ينجُ منهم إلا من اتبعه على دينه الذي بعثه الله به، واصطفى آل إبراهيم، ومنهم سيد البشر وخاتم الأنبياء على الإطلاق محمد ، وآل عمران والمراد بعمران هذا هو والد مريم بنت عمران أُم عيسى ابن مريم .

قال محمد بن إسحاق بن يسار : هو عمران بن ياشم بن أمون منشا بن حزقيا بن أحزيق بن يوثم بن عزاريا بن أمصيا بن ياوش بن أجريهو بن يارم بن يهفاشاط بن أسابر بن أبيا بن رحبعم بن سليمان بن داود (٣)، فعيسى من ذرية إبراهيم كما سيأتي بيانه في سورة الأنعام، إن شاء الله تعالى، وبه الثقة.

﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٣٦)﴾.

امرأة عمران هذه هي أُم مريم ، وهي حنة بنت فاقوذ (٤).

قال محمد بن إسحاق: وكانت امرأة لا تحمل، فرأت يومًا طائرًا يزق فرخه، فاشتهت الولد، فدعت الله تعالى أن يهبها ولدًا، فاستجاب الله دعاءها، فواقعها زوجها، فحملت منه، فلما تحققت الحمل، نذرته أن يكون محررًا؛ أي: خالصًا مفرغًا للعبادة (٥) ولخدمة (٦) بيت المقدس،


(١) سقط من الأصل واستدرك من (عف) و (ح) و (حم) و (مح).
(٢) ما بين معقوفين سقط من الأصل واستدرك من (عف) و (ح) و (حم) و (مح).
(٣) أخرجه الطبري من طريق محمد بن حميد عن سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق وفي هذا الاسم وردت بعض التصحيفات في الأصل استدركت عن رواية ابن إسحاق.
(٤) ذكره الطبري عن ابن إسحاق من الطريق السابق، وفي الأصل ورد بلفظ: "فاترد" وهو تصحيف والتصويب من التخريج و (عف) و (ح) و (حم).
(٥) أخرجه الطبري عن ابن إسحاق من الطريق السابق.
(٦) كذا في (عف) و (ح) و (حم) وفي الأصل: "نذرته" وهو تكرار للكلمة السابقة: "ونذرته".