للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صارخًا من مسّه إياه، إلا مريم وابنها" ثم يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾، أخرجاه من حديث عبد الرزاق (١)، ورواه ابن جرير عن أحمد بن الفرج، عن بقية، حدثنا الزبيدي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي بنحوه (٢)، وروي من حديث قيس، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : "ما من مولود إلا وقد عصره الشيطان عصرة أو عصرتين، إلا عيسى ابن مريم ومريم" ثم قرأ رسول الله : ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ (٣).

ومن حديث العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، ورواه مسلم عن أبي الطاهر، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي يونس، عن أبي هريرة (٤). ورواه ابن وهب أيضًا، عن ابن أبي ذئب، عن عجلان مولى المشْمَعِلّ (٥)، عن أبي هريرة (٦). ورواه محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي هريرة، عن النبي بأصل الحديث (٧). وهكذا رواه الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، قال: قال أبو هريرة: قال رسول الله : "كلّ بني آدم يطعن الشيطان في جنبه حين تلده أُمه إلا عيسى ابن مريم، ذهب يطعن، فطعن في الحجاب" (٨).

﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٧)﴾.

يخبر ربنا أنه تقبلها من أمها نذيرة، وأنه ﴿وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا﴾ أي: جعلها شكلًا مليحًا ومنظرًا بهيجًا، وشر لها أسباب القبول، وقرنها بالصالحين من عباده تتعلم منهم العلم والخير والدين، فلهذا قال: ﴿وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا﴾ وفي قراءة ﴿وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا﴾ بتشديد الفاء، ونصب زكريا على المفعولية (٩)؛ أي جعله كافلًا لها.

قال ابن إسحاق: وما ذلك إلا أنها كانت يتيمة (١٠).


(١) صحيح البخاري، تفسير سورة آل عمران، باب قوله تعالى: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا﴾ [آل عمران: ٣٦] (ح ٤٥٤٨)، وصحيح مسلم، الفضائل، باب فضائل عيسى ، قبل (حديث ٢٣٦٦).
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وصححه أحمد شاكر.
(٤) صحيح مسلم، الموضع السابق بعده بحديثين.
(٥) كذا في (عف) و (ح) و (حم)، والتخريج وفي الأصل: "عن أبي ذئب عن عجلان مولى إسماعيل" وهو تصحيف".
(٦) أخرجه أحمد في المسند (ح ٧٨٦٦)، والطبري في تفسيره.
(٧) أخرجه الطبري من طريق عبد بن سليمان عن ابن إسحاق به، وأخرجه الحاكم من طريق إسماعيل بن جعفر عن يزيد بن عبد الله بن قسيط. وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٥٩٤).
(٨) أخرجه الطبري من طريق شعيب بن الليث عن الليث به.
(٩) كلتاهما قراءتان متواترتان.
(١٠) أخرجه الطبري بنحوه من الطريق السابق عن ابن إسحاق.