للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تفسيرية في أحكام القرآن عن الإمام الشافعي (١)، وهذه النصوص كلها آثار يرويها بسنده إلى الشافعي، ويرويها الشافعي عن السلف.

كما ظهر في هذا القرن مؤلفات تفسيرية أُفردت لتفسير جزء أو سورة كصنيع أبي القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي (ت ٤٨٦ هـ) إذ فسر سورة التكوير، وتوجد منه نسخ في جامعة إسلامبول، وبعضهم يفرد تفسيرًا لجزء كصنيع أبي يوسف عبد السلام بن محمد بن يوسف بن بندار (ت ٤٨٣ هـ) فقد صنف "حدائق التفسير لجزء عمّ"، وهذه التفاسير ورد ذكر نسخها الخطية في الفهرس الشامل للتراث.

ثم دخل القرن السادس وظهر فيه منهج مبتكر في التفسير كصنيع الزمخشري فقد سلك منهجًا جديدًا في عرض التفسير جذب فيه ألباب العلماء والمتعلمين والمثقفين قديمًا وحديثًا إذ استخدم ضروب البلاغة من البديع والبيان والمعاني، واستفاد من مدرستي الرأي والأثر، وصاغ ما أفاده بأسلوب جزل وقول فصل، وباختصار دون تطويل في إيراد خلاف المفسرين، وهذا الذي ذكرته فيما لا يصطدم مع الاعتزال الذي رفع رايته، أما إذا تعارض التفسير مع مذهبه الاعتزالي فإنه يلوي التفسير ويثور على مخالفيه ويشكك بالأثر بل ينكر بعض الأحاديث الصحيحة الثابتة التي تنسف تأويلات المعتزلة من جذورها، وبهذا فقد رسخ الزمخشري آراء المعتزلة في هذا القرن.

وفي هذا القرن ظهر ابتكار في نظم المتشابه اللفظي فصنف علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي (٥٥٨ - ٦٤٣ هـ) كتابًا منظومًا بعنوان "هداية المرتاب وغاية الحفاظ والطلاب" وقد طبع مع شرحه بعنوان: "التسهيل في ما يشتبه على القارئ من أي تنزيل".

وفي هذا القرن برزت بعض التفاسير التي تعتمد على تصفية واختصار وتنقية تفسير سابق كصنيع الإمام البغوي فقد اختصره من كتاب "الكشاف والبيان" للثعلبي، وحاول أن ينقّيه من الحكايات العجيبة والأحاديث الموضوعة، وحذف الكثير من الروايات الإسرائيلية ولكن بقي فيه مئات الإسرائيليات مما يدل على غزارة الإسرائيليات في تفسير الثعلبي.

وفي آخر هذا القرن بدأ الفخر الرازي بتصنيف تفسيره المبتكر، فقد صرح في آخر تفسير سورة البقرة أنه تمَّ يوم الخميس في المعسكر المتاخم للقرية المسماة بأرصف سنة أربع وتسعين وخمسمائة، وفي آخر تفسير سورة آل عمران ورد أنه تمَّ يوم الخميس أول ربيع الآخر سنة خمس وتسعين وخمسمائة، ثم فسر بعض السور في مطلع القرن السابع في يوم الثلاثاء السابع عشر من صفر سنة اثنتين وستمائة في بلد غزنين -أي: بلد غزنة كما صرح ياقوت الحموي (٢) -. ولم يتمه واختلف في الذي أتمه وذهب يحيى المعلمي بأن تلميذه قاضي القضاة أحمد بن خليل الخوبي (ت ٦٣٧ هـ) هو الذي أتمه، وقد سبقه في ذلك ابن أبي أُصيبعة في عيون الأنباء (٣) وقد عاصر الشيخ والتلميذ وقيل: إن الذي أتمه أحمد بن محمد القمولي كما في طبقات السبكي (٤) وسواء أتمه الخوبي أو القمولي فإن ظاهرة إكمال التفسير بدأت في هذا القرن السابع (٥).


(١) مطبوع.
(٢) "معجم البلدان" (٤/ ٢٠١).
(٣) (٢/ ٢٩).
(٤) "الطبقات الكبرى" (٥/ ٣٥).
(٥) مجموع فيه عدة كتب ليحيى المعلمي ومنها بحث حول تفسير الرازي (ص ١٠٥ - ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>