للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه، عن جده قال: قرأ رجل عند عمر فغير عليه، فقال: قرأت على رسول الله فلم يغير علي، قال: فاجتمعا عند النبي فقرأ الرجل على النبي فقال له: "قد أحسنت" قال: فكأن عمر وجد من ذلك، فقال رسول الله : "يا عمر إن القرآن كله صواب ما لم تجعل عذاب مغفرةً، ومغفرةً عذاب".

وهذا إسناد حسن. وحرب بن ثابت هذا يكنى بأبي ثابت، لا نعرف أحدًا جرحه.

وقد اختلف العلماء في معنى هذه السبعة الأحرف وما أُريد منها على أقوال.

قال أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري القرطبي المالكي في "مقدمات تفسيره": وقد اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولًا ذكرها أبو حاتم محمد بن حبان البُستي، ونحن نذكر منها خمسة أقوال.

(قلت): ثم سردها القرطبي وحاصلها ما أنا مورده ملخصًا:

(فالأول) وهو قول أكثر أهل العلم منهم سفيان بن عيينة وعبد الله بن وهب وأبو جعفر محمد بن جرير والطحاوي أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو أقبل وتعال وهلم.

وقال الطحاوي: وأبين ما ذكر في ذلك حديث أبي بكرة (١) قال: جاء جبريل إلى رسول الله فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده. حتى بلغ سبعة أحرف فقال: اقرأ فكل كاف شاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمةٍ، (على) (٢) نحو هلم وتعال وأقبل، واذهب وأسرع وعجل.

وروى ورقاء (عن) (٣) (ابن أبي) (٤) نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن أُبي بن كعب أنه كان يقرأ ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا (نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) (٣)[الحديد: ١٣] للذين آمنوا أمهلونا، للذين آمنوا أخرونا، للذين آمنوا ارقبونا، وكان يقرأ ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ﴾ [البقرة: ٢٠] مروا فيه، سعوا فيه.


= "ابن عبد الله". وقال الحسن بن علي، حدثنا يزيد بن هارون، عن حرب، عن إسحاق بن جارية، قال: لقيته بواسط القصب، أو كما قال". اهـ.
قلت: فالبخاري يشير إلى الاختلاف في نسب "إسحاق"، وكأن البخاري يرجح أنه "إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة"، فإنه نقل توهيم عبد الصمد بعبارة قلقة، فقال: "وقال بعضهم" وفي ترجمة "حرب بن أبي حرب أبي ثابت" (٢/ ١/ ٦٢) قال: "وقال مسلم: حدثنا حرب بن ثابت، سمع إسحاق بن عبد الله. حدثني إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الصمد، قال: حدثنا حرب أبو ثابت، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة. ويقال: إن هذا إسحاق ليس بـ "ابن أبي طلحة"، وهم فيه عبد الصمد من حفظه، وأصله صحيح". اهـ.
فقد استفدنا من ترجمة البخاري هذه أن عبد الصمد توبع على جعله "إسحاق بن عبد الله"، تابعه مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، وكأن البخاري يضعف دعوى توهيم عبد الصمد، إذ إنه نقله بلفظ "يقال" الذي يفيد التضعيف غالبًا.
(١) مرّ تخريجه آنفًا، وكلام الطحاوي هذا ذكره في "المشكل" (٤/ ١٩١ - ١٩٤).
(٢) ساقط من (أ).
(٣) ساقط من (ج) و (ط) و (ل).
(٤) في (أ): "أبي نجيح".