للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلمة الله هي التشهد في الخطبة، قال: وكان فيما أعطى النبي ليلة أسري به، قال له: "جعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي" رواه ابن أبي حاتم (١).

وفي صحيح مسلم عن جابر في خطبة حجة الوداع أن النبي قال فيها: "واستوصوا بالنساء خيرًا فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله" (٢).

وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (٢٢)﴾، حرم الله تعالى زوجات الآباء تكرمة لهم، وإعظامًا واحترامًا أن توطأ من بعده، حتى إنها لتحرم عن الابن بمجرد العقد عليها، وهذا أمر مجمع عليه. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا قيس بن الربيع، حدثنا أشعث بن سوار، عن عدي بن ثابت، عن رجل من الأنصار، قال: لما توفي [أبو قيس] (٣) - يعني: ابن الأسلت - وكان من صالحي الأنصار، فخطب ابنه قيس امرأته، فقالت: إنما أعدك ولدًا وأنت من صالحي قومك، ولكن آتي رسول الله فأستأمره فأتت رسول الله ، فقالت: إن أبا قيس توفي، فقال: "خيرًا" ثم قالت: إن ابنه قيسًا خطبني، وهو من صالحي قومه، وإنما كنت أعده ولدًا فما ترى؟ فقال لها: "ارجعي إلى بيتك"، قال: فنزلت ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ (٤).

وقال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا حسين، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة في قوله: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ قال: نزلت في أبي قيس بن الأسلت خلف على أُم عبيد الله بنت ضمرة، وكانت تحت الأسلت أبيه وفي الأسود بن خلف، وكان خلف على ابنة أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار، وكان عند [أبيه] (٥) خلف، وفي فاختة ابنة الأسود بن المطلب بن أسد كانت عند أُمية بن خلف، فخلف عليها صفوان بن أمية (٦). وقد زعم السهيلي أن نكاح نساء الآباء كان معمولًا به في الجاهلية، ولهذا قال: ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ كما قال: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [النساء: ٢٣] قال: وقد فعل ذلك كنانة بن خزيمة، تزوج بامرأة أبيه، فأولدها ابنه النضر بن كنانة، قال: وقد قال : "ولدت من نكاح لا من سفاح" (٧)، قال: فدل على أنه كان سائغًا لهم ذلك، فإن أراد أنهم كانوا يعدونه نكاحًا فيما بينهم. فقد قال ابن جرير: [حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي، حدثنا قُراد] (٨)، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان


(١) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن سعيد بن سابق عن أبي جعفر به وسنده مرسل.
(٢) أخرجه مسلم مطولًا من حديث جابر (الصحيح، الحج، باب حجة النبي ح ١٢١٨).
(٣) زيادة من (ح) و (حم) و (مح) وتفسير ابن أبي حاتم.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف بسبب أشعث بن سوار، وهو ضعيف (التقريب ١/ ٧٩).
(٥) كذا في (ح) و (حم) و (مح) والطبري، وفي الأصل: "ابنه" وهو تصحيف.
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومتنه وأطول، وسنده ضعيف بسبب حسين وهو سنيد وكذلك إرسال عكرمة.
(٧) أخرجه الطبراني (المعجم الكبير ١٠/ ٣٩٩ ح ١٠٨١٢)، والبيهقي (السنن الكبرى ٧/ ١٩٠)، كلاهما من طريق أبي الحويرث عن ابن عباس. وسنده ضعيف لأن أبا الحويرث مجهول كما في التقريب.
(٨) كذا في (ح) و (حم) وفي الأصل محمد بن عبد الله المخزومي، ثنا بزاز وهو تصحيف.