للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحصنات، وهن المزوجات ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾، يعني: إلا ما ملكتموهن بالسبي فإنه يحل لكم وطؤهن إذا [استبرأتموهن] (١)، فإن الآية نزلت في ذلك. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان - هو الثوري -، عن عثمان البتي، عن أبي الخليل، عن أبي سعيد الخدري، قال: أصبنا نساء من سبي أوطاس، ولهن أزواج، فكرهنا أن نقع عليهن ولهن أزواج، فسألنا النبي ، فنزلت هذه الآية ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ فاستحللنا بها فروجهن (٢). وهكذا رواه الترمذي عن أحمد بن منيع، عن هشيم، ورواه النسائي من حديث سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج، ثلاثتهم عن عثمان البتي، ورواه ابن جرير من حديث أشعث بن سوار - عن عثمان البتي -، ورواه مسلم في صحيحه من حديث شعبة عن قتادة، كلاهما عن أبي الخليل صالح بن أبي مريم، عن أبي سعيد الخدري … فذكره (٣)، وهكذا رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، [عن أبي الخليل، عن أبي سعيد الخدري به. وقد روي من وجه آخر] (٤) عن أبي الخليل، عن أبي علقمة الهاشمي، عن أبي سعيد الخدري، قال الإمام أحمد: حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن أبي علقمة، عن أبي سعيد الخدري أن أصحاب رسول الله أصابوا سبايا يوم أوطاس، لهن أزواج من أهل الشرك، فكان أناسًا من أصحاب رسول الله كفوا وتأثموا من غشيانهن، قال: فنزلت هذه الآية في ذلك ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ (٥). وهكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي من حديث سعيد بن أبي عروبة، زاد مسلم: وشعبة، ورواه الترمذي من حديث همام بن يحيى، ثلاثتهم عن قتادة بإسناده نحوه (٦). وقال الترمذي: هذا حديث حسن، ولا أعلم أن أحدًا ذكر أبا علقمة في هذا الحديث إلا ما ذكر همام عن قتادة - كذا قال - وقد تابعه سعيد وشعبة، والله أعلم.

وقد روى الطبراني من حديث الضحاك عن ابن عباس: أنها نزلت في سبايا خيبر، وذكر مثل حديث أبي سعيد (٧)، وقد ذهب جماعة من السلف إلى أن بيع الأمة يكون طلاقًا لها من زوجها أخذًا بعموم هذه الآية.

وقال ابن جرير: حدثنا ابن مثنى، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم أنه سئل عن الأمة تباع ولها زوج؟ قال: كان عبد الله يقول: بيعها طلاقها. ويتلو هذه الآية


(١) كذا في (ح) و (حم) و (مح)، وفي الأصل: "اشتريتموهن" وهو تصحيف.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٧٢)، وسنده صحيح على شرط مسلم.
(٣) صحيح مسلم، الرضاع، باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء (ح ١٤٥٦)، وسنن الترمذي، النكاح، باب ما جاء في الرجل يسبي الأمة. (ح ١١٣٢).
(٤) ما بين معقوفين سقط من الأصل واستدرك من (ح) و (حم) و (مح).
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٨٤)، وهو على شرط مسلم.
(٦) صحيح مسلم، الرضاع، باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء، (ح ١٤٥٦)، وسنن أبي داود، النكاح، باب في وطء السبايا (ح ٢١٥٥)، وسنن النسائي، النكاح، باب تأويل قول الله ﷿: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] (٦/ ١١٠)، وسنن الترمذي، كتاب النكاح، باب ما جاء في الرجل يسبي الأمة ولها زوج … (ح ١١٣٢).
(٧) المعجم الأوسط ٤/ ٢٩٧ (ح ٤٢٥١)، وسنده ضعيف لأن الضحاك لم يسمع من ابن عباس.