للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ وكذا رواه سفيان، عن منصور ومغيرة والأعمش، عن إبراهيم، عن ابن مسعود، قال: بيعها طلاقها (١). وهو منقطع، ورواه سفيان الثوري، عن خالد، عن أبي قلابة، عن ابن مسعود، قال: إذا بيعت الأمة ولها زوج، فسيدها أحق ببضعها (٢). ورواه سعيد عن قتادة، قال: إن أُبي بن كعب وجابر بن عبد الله وابن عباس، قالوا: بيعها طلاقها (٣). وقال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: طلاق الأمة [ست] (٤): بيعها طلاقها، وعتقها طلاقها، وهبتها طلاقها، [وبراءتها طلاقها، وطلاق زوجها طلاقها] (٥) (٦). وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب قوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ قال: هُنّ ذوات الأزواج حرم الله نكاحهن إلا ما ملكت يمينك، فبيعها طلاقها. قال معمر: وقال الحسن مثل ذلك (٧)، وهكذا رواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن في قوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ قال: إذا كان لها زوج، فبيعها طلاقها (٨). وروى عوف عن الحسن: بيع الأمة طلاقها، وبيعه طلاقها (٩).

فهذا قول هؤلاء من السلف، وقد خالفهم الجمهور قديمًا وحديثًا، فرأوا أن بيع الأمة ليس طلاقًا لها لأن المشتري نائب عن البائع، والبائع كان قد أخرج عن ملكه هذه المنفعة وباعها مسلوبة عنها، واعتمدوا في ذلك على حديث بريرة المخرج في الصحيحين وغيرهما، فإن عائشة أم المؤمنين اشترتها ونجزّت عتقها، ولم ينفسخ نكاحها من زوجها مغيث، بل خيرها رسول الله ، بين الفسخ والبقاء، فاختارت الفسخ وقصتها مشهورة (١٠)، فلو كان بيع الأمة طلاقها كما قال هؤلاء ما خيرها النبي ، فلما خيّرها دل على بقاء النكاح، وأن المراد من الآية المسبيات فقط، والله أعلم. وقد قيل: المراد بقوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ يعني: العفائف حرام عليكم حتى تملكوا عصمتهن بنكاح وشهود ومهور وولي، واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا، حكاه ابن جرير عن أبي العالية (١١) وطاوس وغيرهما. وقال عمر وعبيدة: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ ما عدا الأربع حرام عليكم إلا ما ملكت أيمانكم (١٢).


(١) أخرجه الطبري بأسانيد ولفظه، والانقطاع هو بين إبراهيم النخعي وابن مسعود. ويتقوى بطريق الثوري التالي.
(٢) سنده صحيح، وخالد هو الحذاء.
(٣) أخرجه الطبري من طريق عبد الأعلى عن سعيد به، وسنده إلى أبي صحيح، وأما عن جابر وابن عباس فمنقطع لأن قتادة لم يسمع منهما.
(٤) في الأصل: "سبيت" وهو تصحيف.
(٥) الزيادة من (ح) و (حم) و (مح) وتفسير الطبري.
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومنته، وسنده صحيح، ولم يذكر منها إلا خمسًا.
(٧) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره بالطريقين وكلاهما صحيح السند.
(٨) أخرجه ابن أبي شيبة عن سعيد به (المصنف ٥/ ٨٤)، وسنده صحيح.
(٩) أخرجه ابن أبي شيبة عن عبد الأعلى عن عوف الأعرابي به (المصنف ٥/ ٨٤)، وسنده صحيح.
(١٠) صحيح البخاري، الشروط، باب الشروط في البيوع (ح ٢٧١٧)، وصحيح مسلم، العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق، الحديث بعد (ح ١٥٠٤).
(١١) بل أسنده الطبري عن أبي العالية فقط بنحوه، وفي سنده سنيد: ضعيف.
(١٢) قول عمر أخر الطبري، وفي سنده أشعث بن سوار ضعيف كما في التقريب، وقول عبيدة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عنه.