للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ قال ربيعة: الطول الهوى، يعني: ينكح الأمة إذا كان هواه فيها، رواه ابن أبي حاتم وابن جرير (١)، ثم أخذ يشنع على هذا القول ويرده ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ أي: فتزوجوا من الإيماء المؤمنات اللاتي يملكهن المؤمنون، ولهذا قال: ﴿مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾، قال ابن عباس وغيره: فلينكح من إماء المؤمنين (٢)، وكذا قال السدي ومقاتل بن حيان (٣) ثم اعترض بقوله: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ أي: هو العالم. بحقائق الأمور وسرائرها، [وإنما لكم] (٤) أيها الناس الظاهر من الأمور، ثم قال: ﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ فدل على أن السيد هو ولي أمته لا تزوج إلا بإذنه، وكذلك هو ولي عبده ليس له أن يتزوج بغير إذنه، كما جاء في الحديث "أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر" (٥) أي: زانٍ. فإن كان مالك الأمة امرأة زوجها من يزوج المرأة بإذنها لما جاء في الحديث "لا تزوج المرأة المرأة ولا المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها" (٦).

وقوله تعالى: ﴿وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أي: وادفعوا مهورهن بالمعروف، أي: عن طيب نفس منكم، ولا تبخسوا منه شيئًا استهانة بهن لكونهن إماء مملوكات.

وقوله تعالى: ﴿الْمُحْصَنَاتِ﴾ أي: عفائف عن الزنا لا يتعاطينه، ولهذا قال: ﴿غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ﴾ وهن الزواني اللاتي لا يمنعن من أرادهن بالفاحشة.

وقوله تعالى: ﴿وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾، قال ابن عباس: المسافحات هن الزواني المعلنات (٧)، يعني: الزواني اللاتي لا يمنعن أحدًا أرادهن بالفاحشة. و ﴿مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ يعني: أخلاء، وكذا روي عن أبي هريرة ومجاهد والشعبي والضحاك وعطاء الخراساني ويحيى بن أبي كثير ومقاتل بن حيان والسدي، قالوا: أخلاء (٨). وقال الحسن البصري: يعني: الصديق (٩). وقال الضحاك أيضًا: ﴿وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ ذات الخليل الواحد المقرة به، نهى الله عن ذلك (١٠). يعني تزويجها ما دامت كذلك.


(١) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق ابن وهب به، وفي سنده عبد الحبار وهو ابن عمر الأيلي: ضعيف (التقريب ص ٣٣٢).
(٢) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٣) قول السدي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عنه، وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم بحذف السند.
(٤) كذا في (ح) و (حم) و (مح)، وفي الأصل: "وإيمانكم" وهو تصحيف.
(٥) أخرجه أبو داود (السنن، النكاح، باب في نكاح العبد بغير إذن سيده ح ٢٠٧٨)، والترمذي (السنن، النكاح، باب في نكاح العبد بغير إذن سيده ح ١١١١ - ١١١٢)، وقال: حسن صحيح، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ١٩٤)، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (ح ٨٨٧).
(٦) أخرجه ابن ماجه (السنن، النكاح، باب لا نكاح إلا بولي ح ١٨٨٢)، وأخرجه الدارقطني بنحوه (السنن ٣/ ٢٢٧ ح ٢٦)، وصححه ابن الملقن (خلاصة البدر المنير ٢/ ١٨٧ ح ١٩٣٨)، والألباني (الإرواء ٦/ ٢٤٩).
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٨) ذكرهم ابن أبي حاتم بحذف السند.
(٩) ذكره ابن أبي حاتم بحذف السند.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عنه.