للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن علي، قال: أتى رسول اللّه رجل من الأنصار بامرأة له، فقالت: يا رسول الله إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري وإنه ضربها فأثر في وجهها، فقال رسول الله : "ليس ذلك له" فأنزل الله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ أي: قوامون على النساء في الأدب، فقال رسول الله : "أردت أمرًا وأراد الله غيره" (١).

وقال الشعبي في هذه الآية ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ قال: الصداق الذي أعطاها، ألا ترى أنه لو قذفها لاعنها، ولو قذفته جلدت (٢).

وقوله تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ﴾ أي: من النساء ﴿قَانِتَاتٌ﴾ قال ابن عَبَّاس وغير واحد: يعني: مطيعات لأزواجهن (٣) ﴿حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ﴾ وقال السدي وغيره: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله (٤).

وقوله: ﴿بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾ أي: المحفوظ من حفظه الله. قال ابن جرير: حدثني المثنى، حَدَّثَنَا أبو صالح، حَدَّثَنَا أبو معشر، حَدَّثَنَا سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : "خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك" قال: ثم قرأ رسول الله هذه الآية ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ … ﴾ إلى آخرها، ورواه ابن أبي حاتم عن يونس بن حبيب، عن أبي داود الطيالسي، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن سعيد المقبري به، مثله سواء (٥). وقال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا يحيى بن إسحاق، حَدَّثَنَا ابن لهيعة، عن عُبيد الله بن أبي جعفر: أن ابن قارظ أخبره أن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله : "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي الأبواب شئت" (٦) تفرد به أحمد من طريق عبد الله بن قارظ عن عبد الرحمن بن عوف.

وقوله تعالى: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ﴾ أي: والنساء اللاتي تتخوفون أن ينشزن على أزواجهن، والنشوز هو الارتفاع، فالمرأة الناشز هي المرتفعة على زوجها، التاركة لأمره، المعرضة عنه، المبغضة له، فمتى ظهر له منها أمارات النشوز فليعظها وليخوفها عقاب الله في عصيانه، فإن الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته وحرم عليها معصيته لما له عليها من الفضل والإفضال، وقد قال رسول الله : "لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من


(١) في سنده محمد بن محمد الأشعث وضع نسخة رواها عن موسى بن إسماعيل بن جعفر عن أبيه عن جده (لسان الميزان ٥/ ٣٦٢).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق عَبيدة السلماني عنه.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عنه.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق أسباط عنه بنحوه.
(٥) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم كل بسنده المذكور، وسندهما صحيحان، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ١٦١) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (ح ١٨٣٨).
(٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ح ١٦٦١) وضعفه أحمد شاكر، وفي سنده عنعنة ابن لهيعة وهو من مدلسي الطبقة الخامسة الذين لا يقبل حديثهم إلا إذا صرحوا بالسماع.